هل يمكن أن يجمعني "طريق تحرير غزة" مع انقلابي...؟

بعيدا عن أي تقييم للمسيرات التونسية المساندة لغزة، (وهو أمر ضروري لمواصلة هذا الحراك وتصعيده وتحويله إلى "برنامج انخراط فعلي في المقاومة")، لفت نظري، في مدينتي، تصدّر نوّاب في مجالس البناء القاعدي الانقلابي لهذه المسيرات.

فلم أجد بدّا من طرح السؤال التالي:

*هل يمكن أن يجمعني "طريق تحرير غزة" مع انقلابي...؟

إذا كان الانخراط في برنامج وطني لتحرير غزة مشروع سياسي وطني تحرري أفقه مواجهة وجودية حتمية للتحالف الاستعماري الغربي الصهيوني، فهل يمكن أن يقودني، أو حتى يرافقني، في هذا المشروع الوجودي مرتزق يساند انقلابا جرّف السياسة والمؤسسات والحقوق والعقل!؟؟

مشهد انقلابي مرتزق يهتف لغزة (وأنا متأكد أنه يفعل ذلك من كل قلبه) يؤشر، للأسف، على مأزق فكري أخلاقي يمنعنا نحن التونسيين من الالتقاء، ولو تقاطعا، على طريق واحد…

تبا.

*هل بقي أمل في بروز "طليعة مقاومة"، عابرة لتيارات السياسة، تشرف على تصوّر برنامج حماية الوجود العربي المهدد بموجة داهمة من التوسع الاستعماري الأمريكي الصهيوني؟

نعم. هذه المهمة صارت ضرورة وجودية وواجبا أخلاقيا وإنسانيا على كل ذي ضمير.

*من أين نبدأ هذه المهمة؟

لا بديل عن الانتظامات المجتمعية ذات الحضور الأهلي الواسع:

المساجد، كما في زمن الاستعمار المباشر، والنقابات المهنية، وهي فرصة لهذه التنظيمات، التي عطّلتها مراهَقات قياديّيها الذين أعاقتهم الأيديولوجيات منتهية الصلاحية، لتستعيد هويتها الوطنية الجامعة، والمقاهي أيضا.

كل الفضاءات الأهلية يجب أن تتحول إلى خلايا مقاومة تحسّبا لانهيارات متوقّعة.

*هل نحن، التونسيين، في منأى عن تداعيات الحرب؟

نحن معنيّون مباشرة بتطورات الخطة الصهيوأمريكية. للأسف تمكّن هذا التحالف الاستعماري النازي من تدمير كل غزة. وسيفرض تهجير من بقي حيّا من أهلها نحو سيناء. وسيوسّع نفس الخطة نحو ثلاثة ملايين فلسطيني آخر في الضفة ليقتل منهم عشرات وربما مئات الآلاف ويجبر البقية على النزوح نحو الأردن. وفي جبهة سوريا سيحتل مزيدا من الأرض وسيهجّر سكان الجنوب. كل هذا سيفجّر الأوضاع في مصر والأردن وسوريا والعراق ولبنان وستشهد كل المنطقة العربية تطورات درامتيكية.

إذا أضفنا إلى كل هذا حربا شبه حتمية على إيران، وبالتالي انهيار منظومة الخليج العربي كلها، فنحن أمام تحولات قيامية لن تستثني أقوياء العالم فما بالك بكيانات هشة مترهلة كدولنا ومجتمعاتنا.

ثم لا ننسى الحرب التجارية المجنونة التي أطلقها ترامب على الجميع بما فيها نحن. حرب ستخنق اقتصادنا المتداعي وتعمق حالة الانهيار الاجتماعي العام.

يعني نحن في قلب الرحى، رغم أنوفنا.

*والحال هذه، هل يبقى أي معنى لما يردده بعضنا من أن 7 أكتوبر كان خطيئة ارتكبتها حماس في حق شعبها.. وفي حق العرب؟

للأسف يبدو أن "نقدا/احتجاجا كهذا هو من قبيل أن يداهمك مجرم في بيتك آخر الليل، فتغضب وتجمع أفراد العائلة لتحقّق معهم لتعرف من منهم لم يُحكم غلق الباب قبل أن ينام..!

ما يخلقه في رأسك الرعب/الجبن من النظر القاتل وهو يحدّ سكينه ليذبحك.. ليس فكرة!

بل …

تبا

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات