نحن اليوم في عصر الرقمنة... والإقتصاد الرقمي...والتواصل الرقمي... والحياة الرقمية... وأصبح كل شيئ في العالم بالرقمنة...من أكبر الشركات في العالم التي هي شركات الرقمنة...إلى الفلاح الصغير في المناطق النائية في البلدان المتقدمة الذي يشتغل وينتج بالرقمنة... فلا تطور اليوم ولا تنمية...بدون رقمنة…
رسالة الإخشيدي الرسمية لرئيس الحكومة... المكتوبة البارحة بالريشة وبخط عربي أنيق ... ولو أنها تذكرنا بأصولنا واستساغها البعض وبعثت فيه النخوة (ولا اتحدث هنا عن الصبيانيات الرعوية، تلك المدائح والأذكار التي تصفق لكل ما يخرج من قصر قرطاج) .. و شخصيا أعجبتني "الفازة" عاطفيا... لأنني عربي وأفتخر بعروبتي... هذه الرسالة تكشف عن خلفية مخيفة تتعلق بمستقبل تونس…
هذه الخلفية المخفية تتمثل في تخلف الطبقة السياسية التونسية في الحكم... وفي المعارضة... عن استيعاب أنها في عصر الرقمنة والإقتصاد الرقمي والحياة المرقمنة... وقد زادت اثبتت ذلك أزمة الكوفيد... فالقطاعات الاقتصادية المرقمنة هي التي سلمت منها أكثر من غيرها…
هذه الطبقة السياسية… لا تزال تعيش بخلفيات سلفية في الزمان الإقتصادي الحالي…بتقليد وسائل تنمية لعصور خلت…فعجزت على ايجاد منوال تنمية يتأقلم مع واقع العالم اليوم… إن كانت في الحكم (وطبعا هناك أسباب أخرى أيضا) … أو حتى في المعارضة ولو ادعت التقدمية… فهي لم تبين ذلك في الواقع السياسي…رغم مرور عشرة سنوات عن الثورة!!!
كلها تدعي ايجاد حلول تنموية في العصر الحالي وللمستقبل… في عصر أصبحت فيه التنمية والتوزيع العادل للثروة الوطنية مسألة استراتيجية تطالب بها الشعوب مع الحرية… لكن هؤلاء في الهواء سواء…
فلكل منهم سلفه الصالح… والسلف الصالح إن كان عمره قرن واحد أو اثنين أو أربعة عشرة قرن…فهو لن يثمر بنفسه تنمية…لا اليوم…ولا غدا… ولا بعد غد… لأنه ليس من هذا العصر… وبالتالي فهو لن ينتج ما يجب توزيعه بين المواطنين بالعدل…
وعندما يتصرف رئيس الدولة بنفس الخلفية… فهو يمثل رمزيا كل هؤلاء حبو أم كرهو…ولأنه رمز الدولة ويتكلم باسمها… وهو يكشف بدون قصد منه عن ذلك الشيئ المخيف…الذي له دور مهم في التخلف الاقتصادي…رغم مرور عشرية عن الثورة وما تخللها من حرية العمل السياسي….وحرية التفكير والدراسة والنشر وتقديم التصورات وبلورة الحلول في مجال الإقتصاد السياسي…
عشر سنوات مرت على الثورة… و"النخب" السياسية مبرنشية على الماضوية…كل منها على طريقتها…