منذ الثورة وتونس لم يوجد فيها مستشارون...بالمعنى الحقيقي للاستشارة ...بل حصلت تعيينات حزبية بالمئات... على سبيل الترضيات السياسية ... أو للمشاركة في قسمة غنيمة السلطة...أو لمحاصرة صاحب القرار السياسي لفائدة الحزب أو الأحزاب التي توفر له الثقة في البرلمان بمقابل سياسي ... أو للتدخل المباشر بدون وجه شرعي في تنفيذ تعليمات صاحب القرار السياسي وهذا فيه خرق للدستور الذي لا يتضمن هذا الصنف من المباشرين للسلطة التنفيذية وموروث عن ممارسات الاستبداد لأن المستشار ليس السلطة التنفيذية او جزء من إدارتها بل هو من يقدم لها النصيحة... أو لتمثيل مراكز النفوذ المالي والإقتصادي في أعلى السلطة أين تتخذ القرارات العليا ... الخ...
والدليل ما وصلت إليه البلاد في كل المجالات...فماذا قدم هؤلاء الجيش من المستشارين لرؤساء الحكومات المتعاقبة؟ شخصيا حاولت إيجاد مثال يحتذى به ويضرب به المثل... فلم أجد... لا استنقاصا من أي كان وإنما لأن السياسة بنتائجها... ولا نتائج...
ذلك أن المستشار هو ذلك الخبير في مجاله...الذي له إسهامات في المجتمع مشهود له بها... ويختار على أساسها لما تكون توجهاته متوافقة مع البرنامج الحكومي... ويكون دوره مساعدة صاحب القرار السياسي على حسن اتخاذ قراراته... بإسداء المشورة... ويعطيه الاستشارة في كيفية القبول بها من المواطنين... ويقيم تنفيذها…
ولا يهم إن كان المستشار منخرطا في حزب من عدمه... فهو حر وحق التنظيم مكفول لكل مواطن... لأنه موجودا لإسداء النصيحة في كيفية تنفيذ برنامج الحكومة... والتعيينات الحزبية الأخيرة لم تأت بالجديد...فالمحاصصة الحزبية في الوزارة تعطي محاصصة في رئاسة الحكومة... وقد تعودنا على مثلها... إلا في حالة وجود رجال دولة على مستوى القرار السياسي... وهذا لم يحصل بعد…
كتبت هذا لأذكر من يتناولون هذا الموضوع بعين واحدة...أن الأمر لا يقتصر على حزب النهضة فقط... فهو يشمل كل الأحزاب التي وجدت في القصبة أو ساندت رئيس الحكومة... لأنها كلها عينت سياسيين ذوي مصالح مختلفة وأحيانا متناقضة... ولم يكن أصحاب القرار السياسي فيها من رجال الدولة الذين يؤمنون بضرورة تكريس دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية... وتفعيل الدستور نصا وروحا...ولهم مشروع سياسي.. بل ديدنهم اقتسام سلطة تصريف المنافع ... لا غير...
أما وقد تعاقبت على البلاد منذ الثورة حكومات بدون مشاريع ورؤى مستقبلية وبرامج تنموية… وكانت أقرب من حكومات تصريف أعمال وتقاسم سلطة ومواقع ومنافع… فإنه يتجه لجملة الأسباب المذكورة… تعويض كلمة المستشار الحكومي بعبارة أخرى… ولكم سديد النظر في اختيار ما تريدون من عبارات… سوى عبارة مستشار…