اليسار (وأيضا القوميون) في تونس منظمين كالطوائف السنة والشيعة...وجمهور اليساريين والقوميين يتفرجون فيهم...كالمسلمين العاديين الذين يتفرجون في حروب الطوائف...ويندبو فيها…
ولكل طائفة شيخها...عادة مدى الحياة.. ولها وجهاء قومها...الذين يروجون الفتاوي وينهون عن المنكر ... والأعضاء محمولين على السمع والطاعة...ومن يخرج عنها يطرد من الطائفة...ويصبح منبوذا كطرفة ابن العبد في العصر الجاهلي...ومحل تهجم وعداء وتكفير…
والأنصار عليهم واجب النصرة...بمنطق أنصر أخاك ظالما او مظلوما...والا فعليه السكوت.... حتى لا يضخم جبهة الكفار.... ومن يختار الحياد...ويعبر عن موقفه (كيما موش قاعد نشوف في برشة توا)!!! ...تطلب منه السمع والطاعة بكل وقاحة ...وإلا فالويلاء في الانتظار...وقد لا حظت بعض الخضوع عند البعض...بعد تهديدات أو رمي عضام...وهي في الحقيقة سراب…
ولما تستعر حرب الطوائف بعد نكث التحالف بسبب اختلاف المصالح…تقدر كل طائفة أين تجد مصالحها…وتختار موقعها…وتخرج على الناس بخطاب لاهوتي لتوضح لهم كيف يجب أن تفهم العقيدة السمحة….
وعندئذ ينغمس التوابع في حرب ضروس شرسة…تستعمل فيها كل الأسلحة الممكنة …وحتى اللاأخلاقية منها…وتستعمل النعوت المقرفة…والاعتداءات على الكرامة المواطنية…وحتى على الحياة الخاصة…وتؤلف السيفيات من جديد…كل حسب مصالحه…
فتخال نفسك بين دواعش تتقاتل على مغانم تحصلوا عليها بعد القيام باحتطاب مع بعضهم…
ولا علاقة له من قريب او بعيد بما يمكن وصفه بصراع مبدئي بين مواطنين متحضرين بمناسبة خلاف سياسي مرحلي ببنهم….
وهذا مفهوم…
فبعد الثورة لم تفهم الطوائف السياسية أننا في عصر الانتقال الديمقراطي شكلا ومضمونا…فانتظمت على شاكلة الطوائف كما تكونت زمن الاستبداد وضده… كان الأمر مفهوما آنذاك زمن الاستبداد…لأنها بداية تجربة ولأنه يجب الحفاظ على الكيان من شر القمع والتعذيب والسجون ولأنه لم تكن هناك حرية وديمقراطية يمكن فعليا ممارستها داخل التنظيم وخارجه بدون الهلاك…
اما وقد انتفت تلك الموانع بدرجة كبيرة…بعد الثورة…فإن التمسك بالطائفية السياسية يصبح كالتمسك بالطائفية التاريخية لدى المسلمين في هذا العصر…عصر المواطنة والحرية والانتخابات والدولة المدنية… الجماعة خربوها استحقاقات الثورة بالطائفية السياسية…ومازال عندهم وجه ويتزايدو…يا بوقلب!!!
وهل تعلمون الكم الهائل من جرائم القول التي اقترفوها ضد بعضهم البعض؟ لقد فاقت الخيال… المطلوب اليوم ثورة ثقافية ديمقراطية…تنظيمية وسياسية في آن واحد…على الطائفية السياسية…
وهذه ورشة كبيرة…محمولة على الجمهور الذي ينبذ الطائفية السياسية…
ملاحظة أخيرة…الموضوع يتعلق فقط بملامح رؤية تقييمة موضوعية عامة جدا…. ولذا…انشالله يكون مفهوم…فلا مكان عندي لحروب الطوائف…فهي عنوان الخراب…ونسف كل إمكانية لتحقيق أهداف الثورة…
ملاحظة: نشرته منذ سنة وأعيد نشره على حالته…