هناك يسار ديمقراطي مشتت...منظم او غير منظم... متأقلم مع العصر الحديث او يجتهد في ذلك...لأنه متأثر بالواقع الإجتماعي المتطور. ويواكبه... وهو يواكب أيضا تجارب اليسار الجدية والجماهيرية في مختلف البلدان...ويستلهم منها....ومؤثر في المجتمع المدني... وهو منبثق عن مختلف الحلقات والتنظبمات والأحزاب اليسارية المتشكلة في تونس منذ الستينات من القرن الماضي إضافة للحزب الشيوعي المشكل إثر الحرب العالمية الأولى...
والمسألة الجوهرية والأساسية عند كل مناضل منه...وعيه.. بقناعات تراكمت عند كل مناضل على أساس تجارب شخصية...إما انها فردية... أو جماعية... وهي قناعات جعلتهم يناضلون من أجل الحرية وقيم المواطنة وقيم الجمهورية والدولة المدنية ... والحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والبيئية...والمساواة بين جميع المواطنات والمواطنين بدون تمييز على أساس الجنس واللون والرأي والمنشأ... وهي حقوق من أسس برامج عملهم... ويناضلون من أجل أن تتمتع بها الجماهير الشعبية العريضة...ولا النخبة فقط…
وحتي لا تبقي الحقوق حكرا على بعض اليمين والقوى السياسية اليمنية الحاكمة باسمها...والتي تنتهكها في حق الجماهير العريضة لما تكون في الحكم ... وحتى لا تبقى عند أولائك الذين يتكلمون باسم الجماهير من يساريين ملونين....غائبة في برامج عملهم... وإن فعلو ففي بعضها وليس كلها بالإقتصار على الحقوق الاقتصادية الإجتماعية كما يفعل كل الشموليين.... وكأن الجماهير ليست لها كرامة انسانية وهي مجرد قطيع لا يلهث إلا على سد الرمق... وليس من حقها التمتع بالكرامة الإنسانية وببقية الحقوق ومن بينها المدنية والسياسية... وهم يضعون أنفسهم في وضع الأوصياء عليها ورعاتها.
هذا اليسار الآخر... شمولي وشعبوي وسلفي ...متسكتر ومنغلق داخل مجموعات ناجية ....أو انه لم يستطع التخلص من تجربته فيها رغم خروجه منها... ويشبه لأهل الكهف لأنه متدوعش بفكر جامد ...لا يعترف بالتطور....وهذا يتنافض أساسا مع الأبجديات التي تؤسس لفكر اليسار العالمي المتطور على أساس تطور المجتمعات الحتمي... وتطور أشكال الصراع الطبقي فيها...وتطور استحقاقاته... وهو كذلك ينبثق او موجود في صلب تلك الأحزاب والمنظمات والحلقات اليسارية...
فهو لا يزال متأثر في أعماقه... بشكل او بآخر.... بدعاية أنظمة اشتراكية فشلت.. وانقرضت منذ عقود ... ولكنه لا يفكر...بل لا يزال يعنعن شعاراتها ودعايتها في حلقاته الضيقة للتأطير بها... مثلما يفعل السلفيين من ناحيتهم.. و هذا فقط لحسابات ضيقة... لا علاقة لها بالصراع الطبقي..
فيساندون مثلا الإنقلابات التي تهدف إلى انتهاك تلك القيم والحقوق في حق الجماهير ... وبعضهم يعتبرها ثورات... ياسر تضحكني هاذي لجهل أصحابها بالأبجديات. والحال أن الأبجديات اليسارية تقول ان الإنقلابات في جوهرها وهدفها الرئيسي هي للمحافظة على هيمنة الطبقات والفئات المهيمنة والمستغلة للجماهير الشعبية العريضة... وهي موجهة أساسا ضد مصالحها من وراء خطاب شعبوي ...لتابيد تلك الهيمنة ولو بالحديد والنار... وتعميق الاستغلال الطبقي والتهميش الاجتماعي... كما يحدث الآن في الواقع المعاش للتونسيين .. بعد انقلاب 25 جويلية... وهذا ثابت بالإحصائيات... خلافا للشعارات الكاذبة والمضللة والشعبوية لذلك الطابور الخامس..
هم يضللون اليوم الجماهير الشعبية... مثلما يفعل أي طابوز خامس تابع للرجعية... فيدعون مثلا ان الإنقلاب موجه ضد خصومهم السياسيبن... مثل النهضة... تضحكني برشة هاذي...والحال ان كل يساري ليكون يساريا أبجديا ...لأن هذه من الأبحديات... لا يمكنه ان يجهل ان السلطة... مهما كانت السلطة... إما ان تكون سلطة تمثل مصالح الجماهير العريضة.... أو أنها تمثل مصالح القوى التي تتحكم في الإقتصاد... و تستغل وتضطهد الجماهير العريضة لفائدة تلك القوى …
وقد ببن قيس سعيد خلال سنة من الإنقلاب أين هو موجود في التناقض الطبقي المجتمعي ...فحتى الهادي الجيلاني... رئيس الأعراف زمن بن علي... يدعو للتصويت على دستور القيسوني للحكم الفردي...َ بنعم...نعم....نعم....السيد حالف بالثلاثة . ومن يدعي من هؤلاء ان القيسون غير واضح في هذا الموضوع الطبقي... نقلو يزي من الريق الفارغ.. والتمشديق...والكذب على الناس وعلي الجماهير... احشم على روحك راك عملت العار أيها الطابور... وبرا اسأل الإتحاد تو تتثقف في ها الأمور... ويفسرلك السياسة الاقتصادية والاجتماعية للقيسون منذ الإنقلاب....ضد مصالح شكون .
وهذا لأن تربيتهم السياسية الحلقية والسكتارية ...جعلت من هدفهم السياسي دائما الموقع قبل الموقف... لشخوصهم وانواتهم البورجوازية الصغيرة المتورمة....او للتنظيم.. لكسب مواقع له في المجتمع... ولتوظيفه لهم... ولو على حساب مصالح الجماهير العريضة التي يتدثرون بالدفاع عنها!!!
والمواقف التي يروجوها على أنها لصالح الجماهير... هي ماعون خدمة.. لانهم لا يؤمنون بها ولو تدثرو بها...والدليل انهم دائما متذيلين للحاكم... زمن بن علي... او الآن لصالح مشروع سياسي استبدادي متخلف ورجعي تحت تعلة التموقع ضد النهضة...والحال انه يستهدف كل المجتمع... كما يينه الموقف المشترك لجمعيات المجتمع المدني الأخير... الذي طالب بإيقاف الإستفتاء وسحب دستور القيسون... الذي يعملون مع الإنقلابي على تمريره!!!!
وهذا دائما من طرفهم من أجل المواقع... علهم يتحصلون على بعضها غدا من القيسون!!! لكن يبطى شوية معه. و بالطبع هؤلاء يرفضون التطور مع مقتضيات العصر والواقع... وسيبقون يعيشون في الماضي كاهل الكهف.
هاذان اليساران... فشلت محاولات توحيدهما منذ الثورة.. والاسباب عديدة.. لكن جلها مرتبط بالمسألة الديمقراطية إن من الناحية السياسية أو المجتمعية او التنظيمية... وقيم المواطنة وقيم الجمهورية.. والتي لا تجد لها أثر في تلك الارضيات المشتركة الفاشلة...وإن وجدت فبصفة عابرة وليس كعنصر أساسي في العمل المشترك...راجعوها....
واحسن مثال على ذلك هو وجود كتلة نيابية للجبهة الشعبية في المجلس النيابي طيلة خمس سنوات... لم تقدم فيها مبادرات مشاريع قوانين تكرس تلك القيم والحقوق في التشريع لصالح الجماهير... وهذا ما لا يمكن أن يختلف حوله إثنين... لأنه موثق وأصبح من التاريخ…
لقد انكشف بعد انقلاب 25 جويلية.. وهذه المرة بكل وضوح...وبسببه...ان اليسار يتخلله تناقض رئيسي يتعلق بفهم طبيعة هذه المرحلة التاريخية...ومقتضياتها... وهو لا يمكن أن يتوحد إلا على قاعدة تلك القيم والمبادئ والنضال من أجل تلك القيم والحقوق... كل القيم وكل الحقوق..لأنها لصالح الجماهير الشعبية...وليست حكرا على نخبة أقلية في المجتمع... أو اليمين...
وهي ولئن كانت تلوح للعديد كمسألة حقوقية او شكلية...أساسا بسبب تأثير دعاية المناهضين لها... وهذه الدعاية قديمة منذ زمن بن علي..... فإنها مسألة سياسية أساسية... وبامتياز... فقد قامت ثورة تونس من أجل الحرية والكرامة والشغل ضد الإستبداد والفساد ... وهي طالبت بالحقوق واحترام قيم المواطنة على قدم المساواة بين المواطنين والجهات ...وفي كل بلد عربي حصلت فيه ثورة كان المنطلق هو نفسه...
ولذلك فمن لا يؤمن بها.. ولم يناضل من أجلها... ويدمغج بالترويج لوحدة اليسار بدونها... لإعادة نفس التجارب التوحيدية الفاشلة للعشرية المنقضية... وعلى أساس عفا الله عما سلف... فهو يريد إعادة التاريخ في شكل مهزلة..
ملخر... اليسار التونسي لن يستطيع أن يأثر في الواقع السياسي والإجتماعي... ويعمل من أجل الحكم لتنفيذ برنامجه لصالح الجماهير الشعبية التي يدعي تمثيلها.. كما هو الحال في مختلف بلدان العالم التي يحكم فيها اليسار... إلا بعد أن يتوحد على أسس ديمقراطية حول برنامج حكم.... وعلى أساس تلك القيم والمبادئ.. وعلي أساس ان المسؤولية تكليف وليست موقعا أو تشريف…
وهظاكا اليسار الشعبوي والشمولي... باش يبقى سكتاري... يجري وراء طواحين الهواء الشعاراتية... والخرطات التنظيروية الكهفية المتدوعشة ... وياكل في بعضو... وعند الازمات باش تلقاه كتيبة خامسة للإستبداد والشعبوية...كيف اليوم في تونس بعد الإنقلاب.
فبحيث.... شكرا جزيلا قيس سعيد... لقد عريت العوارات...وسيبقي انجازك العظيم هذا لفائدة اليسار... في التاريخ.