ما تفعله الحكومة في مواجهة وباء الكورونا ينتهك الحق في الحياة.. أول حقوق الإنسان.. الذي ضمنه الدستور لكل مواطن... وحمل الدولة وتمثلها الحكومة واجب حمايته.. هو إهمال صحي كما يحدث في السجون... خصوصا زمن بن علي...بترك المساجين بدون العناية الطبية اللازمة للتخلص منهم بدعوى الموت بالمرض..والحال انهم لو كانو أحرارا لما توفو...
لذلك فإنه محمول على الدولة اتخاذ كل وسائل الوقاية والحماية لحماية الحق في الحياة لمواطنيها... ولكن في مواجهة الكورونا تغلبت المصالح الاقتصادية وحتى الفاسدة منها...التي لا يهمها الحق في الحياة أمام الكسب وحتى استغلال الأزمة الصحية لمزيد من الكسب…
فماذا فعلت الحكومتين المتعاقبتين الفخفاخية والمشيشية لتجهيز الصحة العمومية بالموارد البشرية والمادية...حتى تواجه الموجة الثانية القاتلة للكوفيد التي لم تكن فقط منتظرة... بل حتمية... وماذا اتخذت من إجراءات للتوقي من تفشي الوباء بعد أن فتحت الحدود إثر سقوط درجة العدوى للصفر بسبب غلق الحدود؟
هل تثبتت جديا من عدم حمل الوافدين للفيروس؟ طبعا لا. والدليل تفشي الفيروس بعد فتح الحدود.. هل اجبرتهم كلهم على العزل الإجباري في صورة عدم الإدلاء بما يفيد عدم اصابتهم؟ أيضا لا... والدليل أيضا تفشي الوباء... هل اتخذت الوسائل التي تمنع الاكتظاظ في وسائل النقل العمومي؟ ووسائل الوقاية والتباعد في المدارس والإدارت... الخ... طبعا لا... والدليل تفشي الوباء...
وهل طبقت القانون على المواطنين الذين لا يلبسون الكمامة ويتبعون وسائل الوقاية... وهم كثر؟ طبعا لا...والدليل تفشي الوباء... ويجب التأكيد ان هؤلاء المواطنين لهم أيضا مع الحكومتين المذكورتين مسؤولية جسيمة من جهتهم في تفشي الفيروس لأنانيتهم او لجهلهم…
ولا يجب خاصة غض الطرف عنهم لكسب مودتهم.. فهذا يشجعهم على الاستهتار بحياة الآخرين من مواطنيهم.. مما يزيد في انتشار الفيروس ومن الموتى بسببهم... بل يجب توعيتهم بما يتسببون فيه لغيرهم وتحميلهم مسؤوليتهم...وهذا بكل صراحة وبدون لف ودوران... ولا فقط الإكتفاء بنقد الحكومة عما لم تفعله...وغض الطرف عنهم..
هي مسألة مبدئية... وأخلاقية أيضا... لأن من دور الجميع وخصوصا الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني... توعية المواطنين والرفع من وعيهم... ولا مجارته في جهله ... الخ…
فكيف لا ينتشر الفيروس في هذه الوضعية... أمام لا مسؤولية الحكومتين المتعاقبتين...ولا مسؤولية جزء مهم من المواطنين من جهة أخرى... في نفس الوقت؟ ومما زاد الطين بلة... وهذا مرتبط مباشرة بفساد الطبقة السياسية الحاكمة.. ان المصحات الخاصة استغلت الوباء للاستشراء بكل وقاحة وانتهاك قسم هيبوكرات... وبشكل غير مسبوق في تاريخ تونس... تحت حماية الحكومتين المتعاقبتين…
فهي تطالب كما تفعل المافيات بكامل الوقاحة... بعشرات الملايين نقدا او بصكوك ضمان بنكية... قبل قبول المرضى... وإلا فإنها ترفض قبولهم ولا يهمها إن كان مصيرهم الموت إن تعكرت صحتهم...مما يبين مرة أخرى أن هناك صحة خاصة بالأغنياء... ولا صحة للفقراء...بحماية الدولة...
ويبين خصوصا أن الدولة تضمن الحق في الحياة للأغنياء فقط… دون الفقراء!!!! … بما انها هي التي ترخص لتلك المصحات الخاصة للوجود…. ولمعالجة الكوفيد… ولتحديد أسعارها المشطة بحرية….وحتى بحمايتها والتغطية عليها لما تحجز جثثا توفو بالكوفيد وترفض تسليمها لعدم خلاص فاتورتها الخيالية قبل رفع الجثة .. وهي جريمة علاوة على أنه عمل لا أخلاقي…
يحصل ذلك تحت أنظار الحكومة…والحال أنها مطالبة بتسخير تلك المصحات… خصوصا وأنها تؤدي مرفق عام… وأن إمكانية التسخير موجودة في القوانين ولا تتطلب سوى قرارات سياسبة وزارية … ولأن المسألة تتعلق بمواجهة أزمة تهدد الأمن الصحي القومي…ولكنها رغم مطالبتها بذلك من الكثير منذ ظهور الوباء… عاملة فيها سيادتها موش هنا!!!
تبقى ضرورة القول حتى لا نسقط في الشعبوية… أن الإهمال الصحي ليس القتل العمد… فالإهمال هو عدم أخذ الوسائل الواجبة للوقاية من الموت بسبب عنصر ثالث وهو الفيروس… أم القتل العمد فهو قيام الشخص بقتل الناس بنفسه… وللقياس للتبسيط.. فمن يقترف حادث مرور قاتل مثلا يرتكب جريمة القتل على وجه الخطأ بوسيلة نقل لإهماله قواعد السياقة… لانه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة مثل التخفيض في السرعة أو احترام الأولية الخ… ومن يقتل عمدا فهو قصد القتل وقام بذلك بنفسه…
إن معارضة سياسة الحكومة… لا تكون بالرمي بالتهم الجزاف أو بالشعبوية والشعارتية الثورجية… وإنما بالمصداقية التي تخاطب ذكاء المواطن ولا جهله… فإما أن تتعامل مع المواطن بوصفه مواطن… وترتقي به إلى الوعي بحقوق وواجبات المواطنة… أو تختار الشعبوية وتتعامل معه كقطيع لكسب مودته… وشتان بين هذا وذاك… بين دولة المواطنة ودولة الرعية…