أحيل عميد محامين سابق... الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني.. أمام التحقيق بالمحكمة العسكرية بتونس!!! وهي سابقة تاريخية بهذه الطريقة منذ الإستقلال... ولم تحصل زمن بورقيبة.. ولا حتى زمن بن علي.. ولماذا؟
لأنه كمحام... قام بواجبه... طبق ما تقتضيه منه أخلاقيات المهنة وواجباته المنصوص عليها بمرسوم المحاماة (راجعو دور المحامي وواجباته بالمرسوم... قبل التعليق... فلا يعذر جاهل يجهله للقانون... خصوصا إن كان محاميا وأقسم على احترام القانون)…
وذلك لمحاولته الاتصال بحريفه وزميله المختفي قسريا... وبدون علم القضاء... بعد أن علم بمكان وجوده في المستشفى إثر تعكر صحته في المكان المتستر عنه فيه... وكان ذلك مع مجموعة من الزملاء من هيئة دفاعه... وهذا يضمنه مرسوم مهنة المحاماة لكل محام... للقيام بواجبه المهني…
وفقط لأنه حاور أعوان الأمن المحاصرين لمكان الإختطاف الجديد (المستشفى هذه المرة!!!! ) ... والذين منعوه من آداء واجبه المهني في الإتصال بحريفه... بالمكان الذي أصبح معلوما انه موجود فيه بعد اختفائه القسري!!!
ولإنه نبههم بواجباتهم الدستورية والقانونية.. التي تمنع عليهم تطبيق التعليمات التي تنتهك القوانين...وعدم المشاركة في تطبيق تعليمات تمثل جرائما خطيرة ...
والشيئ الذي أثلج صدري اليوم... ان هذه القضية حضرها العشرات من المحامين... للدفاع عن الدفاع... لدى قضاء استثنائي غير مختص...يتقدمهم أربعة عمداء سابقين هم كل من زملائنا الأساتذة المحترمين عبد الوهاب الباهي والبشير الصيد وشوقي الطبيب وعامر المحرزي... وطبعا إضافة لرئيس فرع تونس زميلنا المحترم الأستاذ محمد الهادفي.. وعدد من المترشحين المحترمين سابقا لنيل شرف العمادة...
هذا علاوة على الكثير من الزميلات والزملاء من شيوخ المهنة وكهولها وشبابها ...ولن اذكر احد منهم حتى لا أنسى الباقي... والكثير منهم ناضلت معهم في المحاكم دفاعا عن الدفاع.. زمن بن علي…
شخصيا...عدلت عن الترافع ... للقيمة المعنوية المهنية للحضور...فهؤلاء نالوا في الماضي ثقة المحامين او شارفوا عليها.. وهم يمثلون على اختلاف مشاربهم المحاماة التاريخية…
هذا علاوة على أن العميد الكيلاني قدم في استنطاقه مرافعة من شأنها أن تدرس في معهد المحاماة.. وأتمنى عليه أن يدونها وينشرها..
واسفي سيبقي كبير جدا.. علي كل هؤلاء الذين ثقنا بهم في الانتخابات الأخيرة وصوتنا لهم لتمثيلنا .. وهم يتحملون المسؤولية الآن.. ولكنهم في المنعرجات التاريخية المفصلية للدفاع عن الدفاع... وهو واجب مقدس... سقطوا في التجاذبات السياسوية التي لا تليق بواجبات المحاماة كحصن اخير في الدفاع عن الحقوق والحريات …
ولما يتعلق الأمر بعميد سابق امام محكمة استثنائية من أجل أقوال لم تتجاوز القوانين...موجهة لأعوان أمن يمتثلون لتعليمات غير قانونية....فتلك رمزية خطيرة جدا.. وكان من شأنها ان تشكل الطامة الكبرى.. لأنها تتجاوز شخص العميد.. وتتهدد كل محام يقوم بواجبه المهني غدا في مراكز الأمن.
يا بوڨلب... سابقة تاريخية... عميد سابق يحال أمام محكمة عسكرية... بسبب قيامه بواجبه المهني... ولأنه تجادل لفظيا مع أعوان أمن بكل لياقة...منعوه من القيام بواجبه المهني... ومذكرا إياهم بواجب احترام القانون... و ممثلي المهنة موش هنا!!!!
شخصيا.. وقت بن علي... كنت ديما نحكي مع المسؤولين الأمنيين لبن علي في نفس الموضوع عند منعهم التظاهرات... وبوصفي موش حتى كمحام... لكن كمسؤول في رابطة حقوق الإنسان... وكانو طبعا يعملوا تقاريرهم حول ما دار من حديث بيننا...ولم احل ابدا... حتى على محكمة ناحية... وموش طول على محكمة عسكرية!!
ملاحظة اخيرة: نحكي هنا على حقوق الدفاع ودور المحامي في الدفاع عن الحقوق والحريات والضمانات القانونية المخولة له... واحترام القانون من الجميع .. ولي باش يجاوبني بالسياسة... من مصلحتو العدول عن ذلك...