رغم بشاعة مجازره وجرائمه ضد الإنسانية .. لا زالوا يدعون ان الكيان الصهيوني دولة ديمقراطية!! يجمع الصحفيون العرب الذين ينقلون الأخبار للفضائيات من داخل فلسطين المحتلة... ان الشعب الصهيوني المزعوم... موافق بنسبة عريضة جدا على العدوان على المدنيين في غزة وتدميرها بآلاف الأطنان من القنابل على رؤوس سكانها...ولا يرف له جفن على تقطيع الأطفال إلى أشلاء..
وان الخلاف بين هؤلاء المستوطنين يتعلق إجمالا بين موقفين... يقول الأول بتبادل الأسرى قبل اجتياح غزة ثم تدميرها وتهجير سكانها... والثاني يقول باجتياحها وتدميرها على رؤوس سكانها البيئة الحاضنة للمقاومة... لتحرير الأسرى..
وقد صرح المعتقلون المسرحون من محتشدات الإحتلال ان ثمانية ألف سجين فلسطيني يتعرضون لسوء المعاملة والتنكيل و التعذيب مثلما يحدث في أعتى الأنظمة الإستبدادية... في حين صرح الأسرى الصهاينة من المستوطنين لدى المقاومة انهم وجدو حسن التعامل واحترام كرامتهم الإنسانية.. رغم الظروف الصعبة الناجمة عن القصف... والحصار الذي طال المواد الأساسية..
وهذا يبين بما لا يدع مجالا للشك... ان شعب المستوطنين المجرمين هذا... لا يؤمن إطلاقا بالقيم الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان... ودولة القانون والمؤسسات... .المؤسسة على تلك القيم...بل هم يحملون فكر فاشي... ونوع من انواع الفكر النازي الذي يعتمد لتنفيذ سياسته على الإبادة الجماعية للآخر..
لما يدعي الكيان انه دولة ديمقراطية.. فهذا ليس بالغريب.. فهو مأسس على الصلف... وعلى أيديولوجية أسسها أكذوبات تاريخية وتزويرا للتاريخ ... وهو كيان يمارس الكذب و الوعود الكاذبة كسياسة دولة..
ولما يدعي الإعلام السائد في الغرب هذا ... و يردد بروباقندا خلفيتها ثقافة إستعمارية وعنصرية لا تزال سائدة في الطبقة السياسية الحاكمة وفي سائل الإعلام الكبرى رغم هزيمة هذا الإستعمار الغربي في مختلف القارات...فهم يكذبون أيضا.. ويعلمون انهم يكذبون!! وسناتي على ذلك من بعد…
ولكن لما يدعي ثقفوت عرب أيضا ذلك..وأن الكيان هو الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط...يتملكني استغراب كبير عن درجة فهم هؤلاء الثقفوت العرب لقيم وأسس الدولة الديمقراطية ...والحال أنها تدرس للتلامذة!!!
اما لما يزعم شموليون وفاشيون عرب... ان تلك هي الديمقراطية وذلك هو النظام الديمقراطي... فإني لا استغرب...فهم يشرعون للإستبداد ويبرروه... ولا يختلفون جوهريا في ذلك مع مختلف اعداء القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.. .ولو تدثروا صلفا بسيادة وهمية... فالسيادة تعني قبل اي شيئ حق الشعب في تقرير مصيره.. ولا ان يقرره دكتاتورا عليه... في مكانه...
لهؤلاء العرب.... الذين يدعون التفكير والتنطير اقول لهم ... انهم والديمقراطية... خطان متوازيان لم يلتقيا بعد... لأنه فاتتكم أبجدياتها... التي تدرس للتلاميذ في مواد التربية المدنية والتاريخ .
فبحيث....
صحيح انه لا توجد دولة ديمقراطية في تلك المنطقة العربية ...ومعظمها مجتمعات رعية ولا مواطنين ... لكن الكيان أبشع.. و بكثير من بقية تلك الدول .. فمن لا يعلم أن الديمقراطية في العصر الحديث...ليست انتخابات دورية فقط... وان الإنتخابات آلية لتعيين من يتولى السلطة والمسؤولية لا غير في فترة زمنية محددة... وان مجرد تنظيم انتخابات دورية لا يعني وجود ديمقراطية؟
الم يكن نظام الفصل العنصري في إفريقيا الجنوبية قبل زواله... ينظم انتخابات دورية تتنافس فيها على السلطة احزب البيض؟
ومن لا يعلم ان الدولة الديمقراطية لا تبنى إلا على قيم المواطنة وحقوق الإنسان ... وعلى الحرية والمساواة بين السكان.... وانها منظمة طبقا لتلك القيم في دولة قانون ومؤسسات لا تفرق بينهم... وان هذا يجب ان يكون مضمون في دساتيرها وتشريعاتها... و محاكم مدنية مستقلة تطبق تلك التشريعات؟
أليست هذه هي الابجديات التي تدرس للتلامذة في مختلف المدارس في مختلف الدول الديمقراطية في العالم اليوم؟ ومن لا يعلم ان الكيان منذ النكبة تأسس خلافا لكل تلك القيم التي تتأسس عليها الجمهورية الديمقراطية الحديثة؟
ومن لا يعلم أن الكيان محتلا لكامل فلسطين... ويبسط حكمه بقوة الجيش على كل أراضيه... ويعتبر كل فلسطين "أرض العودة"... ورغم ان عدد اهل البلد المحتلين يناهز عدد المستوطنين القادمين حديثا من مختلف الدول...فإنه. لا يعتبرهم مواطنين ومحرومين من الحقوق التي يتمتع بها المستوطنون؟
ومن لا يعلم أن الكيان أرسى ترسانة قانونية تمييزية وعنصرية لفائدة المستوطنين... وتمييزية ضد أهل البلد في كل مجالات الحياة... ، وانه أجبرهم بواسطة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على اللجوء داخل مخيمات... وقرى...وبلدات... معزولة عن بعضها البعض... وهم ممنوعين حتى من حرية التنقل بينها والحال أنهم في بلدهم.... بحواجز عسكرية مهولة عددها 700؟
ومن لا يعلم ان الكيان يخضع هؤلاء المدنيين... لمحاكم عسكرية من جند الإحتلال الموكول له السهر على حرمانهم من حقوقهم الطبيعية في حياتهم اليومية .. او لمحاكم "مدنية" مشكلة من مستوطنين سرقوا اراضيهم وأملاكهم ودمروا قراهم وأقاموا عليها مستوطنات... ويطبقون تشريعا عنصريا ضدهم... ويميز بينهم والمستوطنين المجرمين في حقهم؟
وعلاوة على هذا ....
من لا يعلم ان الديمقراطية و الإستعمار خطان متوازيان لا يلتقيان؟ وان الإستعمار يرسي دائما نظام سياسي تمييزي وعنصري ضد اهل البلد... بجنده وبالحديد والنار؟ وهل هناك دولة وقع احتلالها وارسي فيها نظام ديمقراطي...بين سكانها والمستعمرين في التاريخ الحديث؟
طبعا هذا غير موجود لأنه لا يمكن الجمع بين الشيئ وضده... ولما يحصل الجمع بين الأضداد... فهذا ينتج لا محالة مقاومة لحل التناقض.. ولأن طبيعة الإحتلال لا يمكن ان تتغير بمحض إرادته... فهو في تلك الحالة ينفي نفسه و أسباب وجوده..
ومن جهة أخرى.. وبعودة برقية للتاريخ الفرنسي الحديث الذي تأثرت نخب المستعمرات الفرنسية به ولا بالتاريخ الإنساني .... فهؤلاء العرب الذين يعنعون عن الفكر السائد في الغرب ان الكيان دولة ديمقراطية... هل انهم استوعبوا شعارات الثورة الفرنسية القائمة على الحرية والمساواة الأخوية والتي يدعي حكام الغرب و بروباقنداتهم انهم يستندون على مفاهيمها وقيمها؟
ألا يعلمون انه ولو كانت فرنسا كانت من اول الدول في العصر الحديث التي حاول فيها الثوار على النطام الإقطاعي سن جمهورية ديمقراطية... فأصدروا إعلانا لحقوق الإنسان والمواطنين في سنة 1789..وقد كانت ثورة شعب مفقر على نظام الإقطاع الإستبدادي القروسطي السائد منذ قرون..لكن مسعاهم باء بالفشل وبقيت فقط الشعارات الطنانة تردد من افواه المستبدين ؟
ألا يعلمون ان هذا الاعلان لم يطبق إلا نسبيا من طرف من حكموا فرنسا لحد هذا التاريخ. ؟
متى مثلا الغيت العبودية عندهم؟ الم تلغى في مستعمراتهم في سنة 1848... في حين انها ألغيت مثلا في تونس عندنا قبلهم... في سنة 1844!! وفي امريكا من بعد في 1865 وبقيت مطبقة في الواقع في مقاطعات الجنوب الأمريكي حتى الستينات من القرن الماضي ؟
ألا يعلمون ان بعد 1789...انطلقت عشرية سوداء ثورجية آنذاك في فرنسا... امتازت بفض الخلافات السياسية بقطع الرؤوس.... ولم يطبق فيها الإعلان .
وان كل من حكموا فرنسا من بعد.. من نابوليون بونبارت.. ومن ملوك وامبراطور ويمين سياسي.... ينتمون كلهم لطبقة سياسية سادت وكانت تحمل ثقافة استعمارية وعنصرية وتمييزية...مارسوها في المستعمرات التي احتلوها ومن بينها تونس؟
وألم تفرض بعض الحقوق المدنية والسياسية في التشريع الجاري به العمل.. بعد ثورات مثل كومونة باريس.. او انتخابات فازت فيها لفترة قوى تمثل مصالح قوى شعبية؟
أليس هؤلاء الحكام هم الذين على مر العقود... احتلوا البلدان... في شمال افريقيا وفي افريقيا وغيرها بالحديد والنار وبالاعتماد على جرائم حرب... بدعوى نشر الحضارة... لدى شعوب ذات حضارة.. و بعضها أقدم من حضارتهم في التاريخ؟ وشعار دولتهم حرية ومساواة وأخوية؟
وأليس ورثة هؤلاء الحكام وابوق دعايتهم... المفتخرون بذلك الإرث الإستعماري العنصري ..ويعتبرون ذاك وطنية منهم.... هم الذين اليوم يدعون ان الكيان الصهيوني دولة ديمقراطية.... ويساندون العدوان على غزة والحال لا يجهلون انه يتمثل في اقتراف جرائم حرب بالجملة... وجرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية.... ضد المدنيين العزل من طرف الإحتلال الصهيوني؟
وبحيث...
إذا كان من الطبيعي ان يروج الكيان والإعلام السائد في الغرب ذي الثقافة الإستعمارية ان الكيان دولة ديمقراطية.... وان جحافل المستوطنين المحتلين المجرمين هم مدنيون.... فهذا ليس بالغريب لأنهم يحملون نفس الثقافة الإستعمارية ... والمستوطنون الصهاينة من صلبهم... ومنهم و إليهم... وحتى لما يحملون الجنسية الصهيونية... و ينتمون للجيش الصهيوني... ويقترفون الجرائم الجسيمة ضد الفلسطينيين ... فهم يبقون يحملون جنسية بلدهم الأصلي الذي لا يحاسبهم عنها...بل عكس ذلك فهم يحمونهم... كما يقع الآن من طرف بلدان العدوان على غزة المطالبين بإطلاق سراح المستوطنين الصهاينة أسرى المقاومة... الذين يحملون جنسياتهم.
لكن ان يقول ذلك مثقفون عرب...اكتوى آباءهم و أجدادهم بهذا الإستعمار العنصري الدم قراطي.. فهذا يبين انهم لم يستوعبوا ان الديمقراطية ترتكز على القيم والمبادئ.... وتتكرس في دولة قانون ومؤسسات... وان الإنتخابات التمثيلية ليست هي الديمقراطية وإنما آلية للتداول على السلطة ... وإن غابت تلك المبادئ والقيم... فلا ديمقراطية ولا هم يحزنون.
وطبعا لا اتحدث هنا مع الشموليين والفاشيين... فهؤلاء معادون لقيم المواطنة والديمقراطية... والموضوع لا يعينهم... بل يأرقهم.