هي لم تعترف بالأسباب العميقة والحقيقية للإحتجاجات... من تهميش وبطالة وآفاق مسدودة يعاني منها جزء مهم من شباب تونس في مقتبل العمر.. وجد نفسه بسبب فساد السلطة وتخريبها للإقتصاد منذ الثورة خارج المصعد الإجتماعي...ويريد كرامة وشغل...
بل إنها ساكتة...وخرجت فقط بعض قياداتها المشبوهة لتنكر الواقع... ولتفتش عن أطراف لتحملها المسؤولية عن الاحتجاجات...مثلما فعل بن علي قبل أن يخرج علينا بخطاب غلطوني... ومشكلتها السياسية الوحيدة في هذه اللحظة التفتيش عن أطراف وهمية وراء الإحتجاجات!!
والحال ان كلنا يعلم أنه ما عدى الأحزاب السياسية التي هي في السلطة وتغرف من أموال الفساد ولها بفضله ماكينة انتخابية في الأحياء الشعبية نرى نتائجها في الانتخابات ومكنها من كتل برلمانية، فإن بقية الأطراف السياسية غير منغرسة فيها وليست لها أموال وبالتالي هي غير مؤثرة فيها ونرى ذلك أيضا من نتائجها في الإنتخابات... وهذه الأطراف لا تقدر على التسبب في إندلاع احتجاجات في نفس الوقت في العشرات من الأحياء الشعبية المفقرة في مختلف مناطق البلاد... ولا تقدر على ذلك سوى سياسة السلطة المتسببة في تلك الإحتجاجات...
فأوعزت للإعلام العمومي من وراء الستار كالعادة …و كما في زمن بن علي… إلي إعتبار كل المحتجين منحرفين…وأن وراءه أياد خفية وأنها بصدد التحقيق في الموضوع وستضرب بشدة على هذه الأيادي…في حين انها اول من يعلم أن هذا غير صحيح…
وهذا الخطاب يروجه أيضا من وضعتهم يتكلمون باسم وزارة الداخلية… بعد أن وضعت الأمن في مواجهة مع المحتجين للإختفاء وراءه… ولكسبه إليها…بالاعتماد على بعض الأضرار التي تحصل بالضرورة لبعض الأعوان في مثل هذه الوضعيات… وخصوصا بإطلاق يد من يتجاوز القانون منهم.. للقيام بالتجاوزات والتشفي من الموقوفين بالعنف اللفظي والمادي مع الإفلات من العقاب والإيقافات بالجملة الخ…وهي سياسة مسطرة وليست عفوية وتخضع للتعليمات من أعلى سلطة… والسلطة العليا اليوم في وزارة الداخلية هو المشيشي صاحب الوسادة البرلمانية…
وهي بهذا الصنيع الاستبدادي ستزيد من حنق الشباب المهمش المحتج عليها… وستحث فعاليات المجتمع المدني على الوقوف أكثر ضد القمع والتهميش… وستتوسع أكثر عزلتها…
هذه السلطة التي تغطي على الفساد…والتي منذ الثورة خربت اقتصاد البلاد وتسببت في الوضعية الاجتماعية التي يحتج ضدها هؤلاء الشباب…تخرق القوانين في التعامل مع المحتجين…وليست لها الشجاعة لمحاورتهم…هي جبانة لأنها متخفية خلف الجهاز الأمني…
في المجتمعات الديمقراطية يخرج المسؤولون للتحاور مع المحتجين… ولكن تصرفها هكذا يعري عليها مرة أخرى…لقد أعترفت أنها من طينة السياسيين المستبدين… بنفس السلوك ونفس المنطق الذي كان يمارسه بن علي…