التامل الثاني..في ان اكل العصيدة فعل محايد لا باس فيه ..
كلما حل عيد ديني انبرى رهط من الحكماء على هذا الفيس ابوك في التشنيع على اهل الملة في طعومهم و مشربهم في ذلك العيد مثل اكل اللحم في عيد النحر و قلي البوريك في شهر الصيام و اكل عصيد الزقوقو في مولد النبي الاكرم .و ذلك لما في هذا الاكل من البدعة وفساد الدين كما يزعم اهل الظاهر او ما فيه من ذهول على مقاصد الشرع من حفظ العقل و التنوير عند اهل البرهان او لما في الاقبال على هذه الطعوم من الاسراف و الخرافة و الرجعية عند الدهرية و منكري الربوبية .
و قد ثبت عندي عكس ما يراه هذا الرهط من المتفلسفة من ازدراء بحق الشعب الكريم في الاستمتاع بالأكل و دعوته الى الزهد في الطعام بزعم الخوف على دينه او عقله او جيبه كما تدعي تلك الفرق الثلاثة .ذلك ان اكل العصيدة في المولد ليس شيئا اخر غير اكل العصيدة و لا يمس في شيء من عقيدة الرجل او كيفية فهمه للدين .
فكم من وكال للعصيدة وهو مستنير في عقله و تدينه لا يفسد اكله العصيدة رجاحة عقله و جمال تنويره و كم من زاهد في اكلها لم يداوه زهده من فهم رجعي و عنيف للإسلام .و قد حدثنا بعض من نثق في علومهم ان في الدهريين و الملاحدة و اهل العلم الوضعي من يقبل بشهية على اكل العصيدة في بيته و نحر الخروف في الاضحى و التمتع بالبوريك في شهر الصيام دون ان يغير ذلك من قناعاته .
اما قول وزير الفلاحة صديقنا بالطيب ان الاسلم لأهل افريقية ان يعصدوا الفارينة او سميد القمح لغلاء سعر الزقوقو فهو حرمان لشعب مسكين حتى من استثمار اعياده الدينية للتمتع بالحياة و قد وجب عليه و هو ولي امر الناس ان يحسن معاشاتهم و اجورهم لا ان يزهدهم في الزقوقو و يدعوهم الى اكل النخالة و خبز العيش و البازين و سائر ذلك من طعام تعودوه في سائر الايام .و قد دعونا اهل بيتنا الى مخالفته و تكلف النفقة لاقتناء الزقوقو فكلام اهل السلطان افيون الشعوب .
والله اعلم..تم تحريره لعشر مضين من شهر ربيع الانور في التحريض على اكل عصيدة الزقوقو و الاستمتاع بطيب الحياة