الاصداء التي وصلتني من الجلسة المفتوحة الاولى التي عقدتها منذ أشهر لجنة المساواة مع حقوقيين و أساتذة الحضارة و الفكر الاسلامي تؤكد أن النقاش كان واعدا لصياغة نص تأسيسي رائد في الفقه الاسلامي المعاصر و المستنير في مسائل المرأة و الارث و المساواة و الاسرة .
تمت الاشارة الى صفحات نيرة و مهجورة في الاجتهاد الاسلامي و المدارس الفقهية السنية و الشيعية يمكن أن تكون أساسا كي تكون تونس رائدة مرة أخرى في زلزلة جمود المؤسسة الفقهية التقليدية بنصوص رائدة و منسية من داخلها كما كان ذلك عند الغاء الرق ثم اصدار مجلة الأحوال الشخصية .
تفاجأت السيدة بشرى بلحاج حميدة و عبرت عن سرورها بالتعرف على هذه الثروة الفكرية في مجال الفقه و القراءات و تأويل القرآن و اكتشف عدد من الحاضرين فتوحات تنويرية مهمة في تراثنا المنسي تحت ركام ما تم فرضه من المشهور الظلامي في "المدونة الفقهية" السائدة المعتمدة كحقائق مطلقة لدى عامة لا تدرك حقيقة دينها و لدى قوى "رجعية تكفيرية" اعتمدتها كمرجعية مقدسة لتبرير ماضويتها الفكرية و ممارساتها الذكورية و الدموية التي ما أنزل بها "الاسلام المحمدي التقدمي" من سلطان .
كما تمت الاشارة في هذه الجلسة الى تجارب اجتهادية مقارنة في دول اسلامية شقيقة مثل المغرب و تركيا و ايران و غيرها من البلدان الآسوية التي اعتمدت التنقيب على اجتهادات فقهية مستنيرة استفادت فيها من مراكمات مضيئة في القديم نفسه و من مناهج القراءة التقدمية للنص المقدس فطورت منظومة الأحوال الشخصية و المواريث و غيرها دون ارباك الناس باشعارهم أن كل تطوير هو ضرب لثوابتهم و معتقداتهم .
لكن عوض مواصلة الاستثمار في قدرات مفكرينا و باحثينا و نخبتنا المستنيرة تذهب خيارات "بعض" من في اللجنة أو من يرعاها الى خيار التأكيد "السياسوي" على أننا نريد التطوير و اصدار القوانين "اعتمادا على خيار الدستور و الدولة المدنية" و لا نريد اظهار الأمر "اجتهادا من داخل الاسلام" ..
نعم ..يريد البعض لا ان يرسخ أقدام الحداثة و التنوير و التقدم في تربة تحاصرها "الدوعشة" أو الاختراق الاستعماري بل غايتهم أن يعلنوا أننا "نصفي حسابنا مع الدين مهما كان " …
طيب لو كان هذا الخيار مجديا فسنقول لكم "اخدموا ربي يعينكم" لكننا نعلم أن مثل هذه "الخيارات الاستعراضية الرعناء" لم ترسخ سابقا إلا "لحداثة هشة و مغشوشة" سرعان ما تتراجع أمام "هجمة الظلام" باسم الدفاع على الدين و الهوية و هي هجمة تجد حاضنتها "العاطفية" باستمرار عند عامة تتوهم فعلا أن الحداثة انتهاك لمقدساتها خصوصا حين تقترن بدعم "مراكز استعمارية معلومة" و ب"حداثيين" سياسويين ..
و ربي يهدي ما خلق.