حرية " الاعلام و "دونكيشوت" الجديد

Photo

من دواعي "الفرح" و "الحبور" حرص لفيف واسع من "الإعلاميين" "شيبا و شبابا" على حرية الإعلام تجاه كل محاولات الارتداد الى عصور التسلط و الرقابة و التضييق.

لكن حديث "حرية الإعلام" كلما طُرح أمامي إلا و أثار لدي جملة من الملاحظات التي أصر إلحاحا و باستمرار على تكرارها و قد سبق أن توسعتُ فيها في مقالات سابقة لي حول المشهد الإعلامي .

من خاض في سنوات التسلط معارك الاحتكاك بالسلطة في ممارسة حرية التعبير و الإعلام يدرك جيدا أن الخوف على الحرية الإعلامية أصبح على العموم في ذمة التاريخ .

لقد تمكن "الإعلاميون و الكُتاب الأحرار" من افتكاك الحرية و فرضها على السلطة منذ أوائل الألفين بعد أن ارتخت قبضتها :

أولا بفضل نضالات الحركة الحقوقية و السياسية و ثانيا بفضل الثورة المعلوماتية و التكنولوجية التي جعلت "التضييق" و "الرقابة" و "المحاصرة" مجرد محاولات فاشلة لا تنفع مع من اختار حرية قلمه و ناضل من أجلها و دفع الضريبة .

من يفقه طبيعة التحول الذي جرى على بنية "الدولة" و "النظام" و على هيكلة "المشهد الدولي و المحلي " سينام مطمئنا على "حرية الإعلام" التي ربما تحولت أحيانا من مطلب كافح الأحرار من أجله سابقا الى "وظيفة" يتم استغلالها أحيانا لتثبيت حالة "فوضى" الخبر و التحليل و "صناعة العقول" مما يجعل "ظُلاب الحرية" أنواعا و أشكالا .

"الإعلامي" المرعوب على حريته هو اما صادق يجب طمأنته و "إعلامه" بهذه التحولات أو "وظائفي" يستحضر معركة "حق" يُريد بها باطل "تضليل".

يجب الحذر طبعا من كل إمكانية اعتداء على "الحرية" غير أن أسئلة كبرى توضع الآن على طاولة "أباطرة ساحة الإعلام التونسي" هياكلا و مؤسسات و نجوما حتى لا "يغمنا" بعضهم في "دونكيشوتيات" الدفاع عن "الحرية" التي ندرك تماما خلفياتها :

هل تجرؤ سلطة أوصلتها و دعمتها مراكز نفوذ و لوبيات هي نفسها التي دعمت كبار الإعلاميين و مؤسساتهم و هياكلهم أن تحاصر "إعلاما" هي التي صاغت مشهده و خطه التحريري السائد منذ اندلاع "حرية" "14 جانفي" التي أطلقت علينا " الأحرار الجدد" الذين كانوا بين صامت و "موظف" في مؤسسته الاعلامية أو ناطق فصيح باسم التسلط حين كان الكتاب و الاعلاميون الأحرار حقا يفتكون حريتهم و لا يستجدونها؟

هل الفبركة و "تجريم الانتقال" و "الثورة" و "تزييف العقول و الإرادات" و نشر "الكراهية و الاحتقان" التي سادت منذ 2011 و ما بعده كانت حقا حرية أم "تسلطا" معاكسا و إعادة انتشار لأقلام البروباغاندا القديمة ؟

هل ان "أبطال" "المشهد الاعلامي " الراهن الذين صنعوا هذه السلطة الحالية جديرون فعلا بقيادتنا في " الدفاع" عن حرية الإعلام المنشود ؟

أليست هذه "المعارك الدونكيشوتية" مجرد "صراع شقوق" اختلفت على "المحصول" و هي تخوض اليوم فيما بينها معركة "السيطرة" على "المستعمرات الإعلامية" ؟

هي مجرد أسئلة بريئة نضعها على طاولة "كبار الحومة الاعلامية" ليقرأها إعلاميون شبان و جدد صادقون ندرك تماما حرصهم على حرية قطاعهم ..غير أنهم معنيون بالوعي أن معركتهم في "التحرير" يجب أن تكون مع سلط عدة :سلطة الحكم و سلط "قطاعهم" المحتل من "فرسان الحرية الجدد" .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات