هل يجب أن نخاف يوسف الشاهد ؟

Photo

لا يبدو أن رئيس الجمهورية يملك قدرة كافية على إيقاف الصعود الصاروخي للشاب يوسف الشاهد الذي صعد ،، نجمه السياسي ،، على امتداد سنوات اربعة بسياقات معلومة بدأت كغيره من ،، أسماء ما بعد 14 جانفي ،، من ،، شخصيات،، قادمة من مفاصل الإدارات المحلية و الدولية ك،، كفاءات ،، تكنوقراطية في الظاهر سرعان ما أصبحت لها أدوار و سير سياسية طبخت على عجل دون أن يكون لها قبل الثورة ،، هوية سياسية ،، بالمعنى التقليدي للكلمة اي أيديولوجيا و انتماء فكري لإحدى السرديات الكلاسيكية في السياسة (يسار..إسلاميون..قوميون ..ليبراليون ..حقوقيون ).

لابد من الإشارة إلى أن عاصفة 14 جانفي ثم انتخابات 2014 قد شهدت إزاحة مفاجئة و غير مفهومة للهويات السياسية التقليدية أو حركات و أحزاب المشاريع المجتمعية و السرديات التقليدية .نداء تونس الفائز في الانتخابات و بالرغم من إمكانية تصنيفه في إحدى السرديات التقليدية (حزب الدولة المدنية أو ليبرالية النظم الرسمية العربية أو أيديولوجيا دولة الاستقلال ) إلا أنه في صورته العامة كان حزبا بصيغة جديدة في سياق إنشاء حزبية من نوع آخر لا تقوم على الانتظام حول سردية و مشروع مجتمعي بل على مجرد تجميع براغماتي تؤسسه مصالح و شركات و قوى و مراكز نفوذ لا ،، أيديولوجيا،، لها إلا إنجاز،، مصالح ،، في مرحلة تاريخية للقوى التي أنشأته.

الأحزاب التي فازت بعد النداء و النهضة مثل افاق و الوطني الحر تجسد بدورها هذا النوع الجديد من ،، أحزاب المؤسسة ،، في السياق النيوليبيرالي .بالمقابل كانت حركة النهضة ،، الحزب الأيديولوجي،، المنتمي إلى سياقات ،، سياسة السرديات الكبرى ،، يفوز بفضل القوة البشرية المجمعة بآليات،، الجماعة السياسية التقليدية ،، لكنه يجهد نفسه ليؤكد لرعاة الانتقال الديمقراطي أنه يتحول باطراد إلى صورة ،، الحزب المطلوب ،، في المشهد الجديد اي ،، شركة براغماتية للحكم بلا سردية ،، .

أحزاب المشاريع و السرديات المجتمعية التقليدية من يسار و قوميين و اشتراكيين ديمقراطيين كانت الخاسر الأكبر في انتخابات 2014 و لا يتجاوز حضورها في البرلمان الثلاثين مقعدا .

هل يتعلق الأمر بتطور اجتماعي و فكري طبيعي لتعويض سياسة المدارس الفكرية بسياسة أحزاب الشركات التي تتغير و تحل و يعاد تركيبها مثل ماكينة أو الات استعمالية في كل مرحلة ام أن الأمر يتعلق بمخطط لمجتمعاتنا العربية التي يجب أن يمنع فيها كل تفكير في السياسة و الصراع داخلها بمشاريع مجتمعية و ،؛ عقائد كبرى ،، تقترح رؤية لبناء الإنسان و تحويل هذه المجتمعات مباشرة إلى مرحلة السياسة بما هي إدارة للاقتصاد و التبادل و الخدمات ؟

هل يتعلق الأمر بتطور مجتمعي انتهت فيه طلبات الإنسان العربي لسياسي يقدم رؤيته في تحرير الأرض و القرار و الثقافة و القيم ليكتفي اليوم بالاختيار بين ،، سياسيين تكنوقراط ،، يقيمهم فقط بحسب قدرتهم على توفير طلباته المادية من اكل و شغل و امن بقطع النظر عن كيفية نجاحه في ذلك في علاقة باستقلال البلاد و مصير الأمة التي ينتمي إليها؟

تقديري أن الأمر مخطط لتحويل مجتمعاتنا من مجتمعات تصدع رأس العالم الغربي بما هي أمة رسالة تريد التحرر الوطني و تغيير العالم و تستحضر طلبات الإنسان الروحية و المادية إلى مجرد مجتمعات محكومين لا ينتظرون من السياسة و السياسيين إلا توفير ،، الخدمات ،، .

ان يوسف الشاهد أو ،، ماكرون التونسي ،، كما يسميه البعض هو النموذج الذي يبدو أنه،، منتوج ،، المعمل السياسي ،، المعاصر ،، الذي يقدم لنا ،، التكنوقراط الماهر ،، الذي يطعمنا و يكسونا كسكان على أرض ليست لنا إلا من حيث هي أرض ميلاد و قبر نطالب فيها ،، بالرفاه ،، المادي مقابل الشغل مثل سكان يختبرون الفنادق في كل موسم انتخابي فيختارون أمهرها خدمة ..

يجب أن نعيد السياسة إلى صراع مشاريع من أجل أمة و شعوب لا صراع مشاريع لسكان حرفاء في مطعم دولي ...سيضحك كثير من ،، براغماتيي السياسة ،، من هذا التحليل لكن يضحك كثيرا من يضحك أخيرا حين يتبين لهم أن أحدا منهم لن يقدر على تقديم السياسة كخدمات مادية إلا إذا انتصرنا في السياسة لتحرير أمة...لن تسقط أحزاب السرديات لصالح احزاب الشركات و غد قريب لناظره .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات