الغنوشي يرقص…

Photo

ليس كل ما تفعله ديمقراطية الغرب المأزومة محمودا..تحتاج الشعوب دوما في كل توريد للأفكار و القيم و حتى للمقدسات و العلوم تبيئة لما تورده حتى يلائم مستحقاتها و قُل الشيء نفسه حتى في التكنولوجيات و الأديان .ألا ترى صانع السيارة لأهل الصحراء يضع فيها ما لا يضعه حين يصنعها لأهل الأقاليم الباردة؟ و ألست ترى الفقيه يُغير فتاويه اذ ينتقل من العراق الى مصر ؟

كنتُ دائما قلقا من منسوب حرية تصبح تطابقا مع انفلات مجتمعات بلغت درجة من البوهيمية و العبث بالقيمة و نقدتُ تحول الحرية الوليدة في اعلامنا التقليدي الى استهزاء من اشكال الخصوم خلقة و اجسادا او تعرضا لسلوكاتهم الشخصية وراء الجدران في شؤون مأكلهم و مشربهم و لباسهم او تفتيشا في ضمائرهم و عقائدهم و غريب تفكيرهم في الكتب و البحوث المضنون بها على غير اهلها و تحويلها الى نقاش بين العامة فتتهتك صورة المفكر و القدوة كما وقع للعلامة الطالبي مثلا.

و قد ساءني تحويل رموز السياسة الى قلابس تُضحك الناس على طرائق نطقهم و تشغلهم بفكاهة التندر على مظاهرهم عوض نقاش جواهرهم من افكار و بدائل و قد قلتُ ان الأمر قد يكون تدبيرا بليل لضرب كل قدوة و هتك كل رمزية حتى يتيه شعب حديثُ عهد بالحرية في عبثية شعوب بلغت ما ارادت من بناء العقل النقدي و ذهبت الآن مطمئنة الى ما بعده من جذرية اللهو و قد تندم قريبا من بنائها لعالم بلا معالم او ثوابت و لسنا مضطرين لإتباعهم نعلا بنعل.

هذه ملاحظات سُقتهُا و انا ارى لقطات من برنامج ظهر فيه شبيه الغنوشي و هو يرقص اضحاكا بلا خفة روح إلا استخفافا بعقول شعب اضحكه اعلام و ابكاه و احبطه و شحنه عنفا و فتنة و هو يظن انه يحسن صنعا و قبل ان يفرح البعض بتشليك خصمه و قبل ان يغضب الضاحكُ نفسه بعد ذلك من تشليك من يعده صديقا له او زعيما ..

اقول قبل هذا و ذاك ..نعم نحتاج اعلاما وقورا مسؤولا حزينا ان لزم ..ضحكنا كثير و هزرنا كثير و لكل حقبة استحقاقاتها ..هذا شعب يحتاج درسا في الوقار الحزين ايها المهرجون.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات