قرطاج 2 ..العلقم و الترياق

Photo

كما يبدو من خطاب الرئيس في افتتاح اجتماع وثيقة قرطاج و مخرجاته تواصل القوى(غيرالقوية ) المتصارعة على الساحة السياسية المناورات المتبادلة للاستمرار في المربعات الرمادية في ربح متبادل للوقت و تجنب (أو العجز عن ) الحسم المتبادل في النقاط الخلافية .

حالة اللاحرب و اللاسلم و توازن الضعف بين القوى "السياسية"(اللوبيات و الأجهزة) المتصارعة أعاقت الأداء الحكومي و جعلت البلاد تحت ضغط التدهور الاجتماعي و الاقتصادي الذي أصبح بدوره سلاحا في يد المعنيين بتغيير قواعد اللعبة من معارضي "منظومة الرئيس" و سردية "التوافق".

نقاط الخلاف بين "المتصارعين" يبدو حسمُها قريبا باختيار "الاقوى" حاليا (الرئيس الباجي) حتى لا يُجبر عليها بشروط خصومه و يتلخص الخلاف في ما يلي :

أولا : مشاركة النهضة في الحكم وهي مشاركة تعترض عليها أغلب الاطراف الفاعلة في "المشهد الصراعي" رغم تناقضها .مبررات الاعتراض متنوعة بعضها ايديولوجي تقليدي و بعضها اقليمي دولي يتعلق بالموقف الجديد من "الاسلام السياسي العربي" الذي يجد نفسه معزولا من كل المحاور المتشكلة في المنطقة و أكثربعضها مبررات المصالح التي لم تفز النهضة كثيرا بولائها .

خروج النهضة من الحكم الى المعارضة لن يتأخر كثيرا بمجرد رفع "الباجي"حمايته على نهضة لن يحتاج بعد الآن الى دعمها الذي اضطر اليه غداة 2014 بأوامر دولية و توازنات حزبه داخليا. و سيكون التخلي عن النهضة "علقما"سيتحمل مرارته من أجل "عسل" الانتخابات البلدية و استحقاقات 2019 . لا يؤخر الحسم في هذا الاتجاه إلا حساب متأن للربح و الخسارة و ضمان غطاء مضمون من "الأجهزة" و القوى "الدولية" الراعية .

ثانيا :توافق المتصارعين على طبيعة الحكومة القادمة و رئيسها و اسمها بعد أن بات من المؤكد ذهاب يوسف الشاهد الذي انتهت صلاحيته "ندائيا" و خسر بتردده "دعم خصوم ابن الرئيس" و فشل "فريقه" في معركة "احتلال" مراكز النفوذ و تجميع أوراق "القوة التفاوضية" في حرب "الاستقواء المتبادل" ليجد نفسه "يتيما" بلا ظهر وسط "غابة المخالب المتناهشة" التي لا تحتاج المتردد في "التموقع و الولاء" .

ذهابه المؤجل ليس سوى استفادة من "هدنة" متصارعين يُعدون "توافقهم الجديد" دون أن يكون "يوسف" رهان أحد بل مجرد "متراس هدنة" و "جدار فصل مؤقت"أو "شاهد انتقالي ما يشوفش حاجة".

ثالثا : كيفية تسوية الصراع على مراكز النفوذ بين القوى و اللوبيات و التوجهات . بات من الواضح أن لا أحد يمكنه الانتصار على الآخر بشكل ناجز ما يقتضي "معاهدة لا غالب و لا مغلوب" في صراع تتداخل فيه مصالح مالية و جهوية و "دولية" و "ثقافية" يصعب التوفيق بينها لكنه لا يستحيل مادام ضروريا دونه "الاحتراب" و تعميم الخسائر..

رابعا :كيفية اقناع الناس بأن "الاحتراب السياسي"هو صراع ديمقراطي يرون من خلاله مكاسب اجتماعية و اقتصادية لن تتحقق إلا باجراءات موجعة "تتفق" كل القوى و اللوبيات المتصارعة أنها لن تدفع ضريبتها و لكنها تعجز عن اجبار الناس على دفعها .

هذا الخلاف الرابع بالذات هو الأعسر في الحسم و هو ما يصيب القوى المتصارعة بالارتباك و لن تجد الحل إلا اذا انجدتها منظمتا العمال و الاعراف اذا نالتا ما تريدان رغم تناقض المصالح فإجبار الشعب على دفع ضريبة "اصلاحات موجعة" في مكان "اللوبيات" الفاعلة في المشهد سيكون أصعب من ايلاج "الجمل" في سم الخياط.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات