بعد سنوات سبعة من هروب المخلوع يمكن أن نستخلص بقدر كبير من التنسيب طبعا أن يوم 14 جانفي 2011 أكد بما لا يدع مجالا للشك هشاشة منظومة التسلط التي فر رأسها في سياقات غامضة تحت ضغط شارع متحفز و لكن بفضل تفكك و ارتباك سريع لمنظومة أوهمت خصومها من النخبة السياسية بقوة مصطنعة و خوف ممنهج .
منظومة 2011 فرضها صندوق الانتخابات لشعب اختار القطيعة و اقبل بحماس على الانتخابات و امل كبير في الانتقال الجذري .لكنها سرعان ما أثبتت هشاشتها و لم يظهر "الاسلام السياسي" رغم رصيده البشري الكبير قدرة على الصمود كما ان فريقي السيدين المنصف المرزوقي و مصطفى بن جعفر أكدا سريعا ضعفا و وهنا لا تبرره كثيرا قدرات "العميقة" في التآمر لو قابلتها صلابة تنظيمات و وضوح رؤى و كفاءة أداء و حسن استثمار للمناخ الثوري و ايمان به .
القديمة العائدة بسهولة بعد 2014 و رغم تمكنها لعشرة أشهر بعد الثورة من المسك بالدولة بدون ضغط من عائلة المخلوع أثبتت و تثبت باستمرار وهنها و هشاشتها بالرغم مما تحوزه من اسناد اجهزة السيستام و عموم نخب الدولة من أكاديميين و مثقفين و تكنوقراط بيروقراطية الدولة اضافة الى المساندة الموضوعية لكل خصوم الاسلام السياسي .
ان أوضاع توازن ضعف المنظومات القديمة و الجديدة الذي تعيشه اليوم تونس و تتلظى من سلبياته يؤكد أن عقودا طويلة تفصلنا على تشكل منظومة وطنية شعبية جديدة و قوية قادرة على قيادة تونس لوضعها في مصاف القوى الجديدة التي تنافس على حقها في بناء أوطانها في عالمنا العربي و الاسلامي بكل كرامة و استقلالية.
و لعل نموذج منظومة الانتقال الديمقراطي الوطني في تركيا أو منظومة الانتقال الثوري في ايران أكثر منظومات القوة اغراء و لكن السياقات في هاتين الامبراطوريتين ليست للاستنساخ و لكن منظومات شبيهة لنا في الحجم يمكن أن تساعدنا في تمثل المطلوب تونسيا .
و الاكيد في كل الاحوال أن "التأسيس" هو عنوان مرحلة لا نرى أيا من الاقتراحات الحزبية المطروحة تونسيا في السوق حاليا توحي بتحقيق هذا الأمل .
اليأس من السائد هو طريق تأسيس المنشود و في ذلك فليفكر الطامحون .دون ذلك تيه في الأوهام و انتظار لجني العسل من غير النحل الحقيقي .