أفتوني في الأمر ..جدار ضد الرجعية و لكن بلا أفق تقدمي ..
بعد مسافة نقدية مع فترة حكم الترويكا و استقطاباته و بعد معرفة حقائق عديدة أُتيح لي معرفتُها بعد وقت كان لي رؤيتي النقدية لهذه الفترة و لعلي كتبتُ في نقدها و أساسا في نقد سوء اختيار "الكفاءات" و ادارة الصراع و غياب الرؤية و العمق الاستراتيجي في فهم المرحلة و استيعاب اللحظة الثورية و الانفتاح على القوى الوطنية القادرة على ترشيد الانتقال و الذهاب به الى آفاقه التقدمية و الديمقراطية بسبب أخطاء المحيطين بالرؤساء الثلاثة ممن ضيقوا في دائرة الحلفاء و وسعوا من دائرة الخصوم خوفا من تعبئة كفاءات تكشف حدودهم و ضعف ثقافتهم السياسية و معرفتهم للبلاد وطاقاتها .
لكن .... أستمع الى ملاحظة الفنان عبد الحميد قياس الذي عبث بتاريخه الابداعي وهو يضع نفسه في "ماسكاراتو" تُسمى منوعة تلفزية وهو يخاطب احداهن بحسم و ثقة :لو لم تخرج النساء للانتخابات رانا ما كناش في هاللمة (يقصد انتخابات 2014.)
أتساءل وقتها فعلا ..هل كان ما قبل 2014 خطرا فعلا على حريات الابداع و هل كانت فترة الترويكا قبرا أو تضييقا على المبدعين ؟ لا أظن ذلك ..فقد كان على راس وزارة الثقافة الصديق مهدي مبروك الذي لا يشك أحد في مزاجه و قناعاته الابداعية و الثقافية الحرة و التقدمية ..
بل لعل اللوم عليه وقتها أنه ترك "الأمر على ما هو عليه" بسيطرة لوبيات "العرابنية" و "الضحالة الثقافية" و "الابتذال النوفمبري" مما يجعل "مبدعي اللاشيء" مستفيدين دائمين من كل العهود و آكلين أزليين من كل القصاع و لا ندري معنى "نقدهم" لثورة لم تحرمهم من شيء …
لماذا تحرص أغلب "نخب" "الثقافة الرسمية" على جعل السنوات اللاحقة لحدث 14 جانفي جحيما و هاوية في مقابل مدح و تقريظ ضمني للفترة النوفمبرية السابقة و الندائية اللاحقة .
لاشك أن الترويكا لم تكن ثورية و لم يكن لها تصور للثقافة الجديدة التي يحتاجها "العهد الثوري" و لكن ما لاشك فيه أيضا أن الخط السائد لدى "النخبة الثقافية الدولتية" كان باستمرار خط "اللامعنى" الذي قد يكون جدارا يصد "الرجعية و الظلامية" و لكنه لا يؤسس "للتقدم و التنوير الثوري" ..انه خط "الرداءة" و "النضال من أجل حرية التفاهة و ابداع اللاشيء " .