شهادة تاريخية للثقافة و الطرافة..
سمعت ان طلبة الاتحاد العام التونسي للطلبة قد عسرت السلطة الجهوية بالمنستير مهمتهم في انجاز مؤتمرهم و استثمر المناسبة بعد التضامن معهم الى تقديم هذه الشهادة التاريخية كناشط طلابي في الثمانينات الى ابنائي و اصدقائي الشباب من مختلف التيارات و النقابات الطلابية حاليا.
حسم طلبة الاتجاه الاسلامي موقفهم من انجاز المؤتمر18خارق للعادة اوائل الثمانينات تقريبا بتبني انجاز مؤتمر تاسيسي لمنظمة طلابية جديدة عوض استكمال مؤتمر السنة الجامعية اول السبعينات في قربة للاتحاد العام لطلبة تونس و الذي انقلب فيه الطلبة الدساترة على نتيجة الانتخابات التي افرزت قيادة مستقلة و يسارية.
برر الاسلاميون الاتجاه الى فكرة التأسيسي بكون اتحاد الطلبة كان في 52 انقلابا دستوريا بورقيبيا على منظمة صوت الطالب الزيتوني .
و منذ اوائل الثمانينات ستنقسم الساحة الطلابية الى دعاة التأسيسي الذي تبناه الاسلاميون و فصيل قومي ذو توجهات بعثية و هو الطليعة الطلابية العربية رغم بعض الاختلاف في الحدة لدى التيارين .و واصلت عموم التيارات اليسارية الدفاع على المؤتمر18 خ.ع للاتحاد العام لطلبة تونس و الاشتغال مرحليا تحت عنوان الهياكل النقابية المؤقتة رغم بداية اضمحلالها و اختلاف الاطراف اليسارية حولها في الثمانينات بعد اشتداد الاستقطاب بين العائلات الوطنية الديمقراطية و التروتسكية و الديمقراطية الوطنية .
و قد تبنى الطلبة العرب الوحدويين التقدميين من ذوي التوجه الناصري العصمتي اطروحة الالتقاء الجبهوي رفضا لكل اشكال التنظم النقابي تأسيسا او خارق للعادة .
في اواسط الثمانينات طرح نشطاء يساريون من فصيل طلابي بكلية الحقوق فكرة المؤتمر العام للحسم و هو مقترح لانجاز انتخابات من اجل مؤتمر طلابي عام يحسم فيه مندوبو الطلبة بين اطروحة التأسيسي و الخارق للعادة لكن المبادرة واجهت هجوما ساحقا من الفصائل اليسارية ليتخلى عنها اصحابها سريعا و يتلقفها طلبة الاتجاه الاسلامي الذين انجزوا فعلا في 85 ما سموه بالمؤتمر العام الذي حسم طبعا الامر لصالح تأسيس اتحاد جديد ترأسه عبد الكريم الهاروني و حصل على التأشيرة بعد انقلاب سبعة نوفمبر جنبا الى جنب مع الاتحاد العام لطلبة تونس .
في 84 التحقت بالجامعة و في سنة 85 و مع مجموعة من الاصدقاء اتحفظ عن ذكر اسمائهم حتى يوافقوا كنت اول من اصدر بيانات و مواقف سياسية و اعلان تدخلات باسم ،،طلبة اسلاميون تقدميون،، في وقت كان يتحفظ فيه رموز التيار في البلاد عن النشاط السياسي و يصنفون انفسهم كتيار ثقافي لإصلاح الفكر اليساري و الاسلامي و العروبي بعيدا عن اشكال التنظم السياسي و قد كان تدخلنا السياسي كطلبة لهذا التيار موضع نقد من رموزه في البلاد رغم عدم اعتراضهم على ذلك مباشرة .
و قد تبنى ،،طلبة اسلاميون تقدميون،، اطروحة 18 خ.ع و كان لي تدخل مشهود في تجمع عام دعا اليه الاتجاه الاسلامي لإعلان انطلاق الاعداد للمؤتمر و قد دعوت فيه طلبة الاتجاه الاسلامي الى التخلي عن فكرة ،،التأسيس،، التي تجعل الاسلاميين خارج منطق الاستمرار و الاندماج في المجتمع و الاعتراف بالمكاسب و اذكر اني اكدت بان اتحاد الشغل نفسه تأسس في سياق الحركة الوطنية بفضل الدساترة و هذا لا يدفعنا اليوم الى طرح تأسيس منظمة عمالية جديدة و اذكر ان الصديق عجمي الوريمي رئيس الميتينغ يومها قد عقب على تدخلي بشكر ملغوم و طريف حين قال ..شكرا لل،،رفيق،، تلميحا الى انه يعتبرني بهذا في ،،الضفة الأخرى ههه و قد تدخل في التجمع ايضا ممثلو الاطراف الاخرى كما هي عادة الحركة الطلابية في الثمانينات و لكن اللافت هو تدخل ممثل الحزب الشيوعي التونسي و هو الطرف الذي كان ممنوعا من التدخل في الاجتماعات اليسارية بالخصوص نظرا لقبول طلبة الحزب بفكرة الدخول للاتحاد العام لطلبة تونس حتى بعد انقلاب قربة لافتكاكه من الداخل .
و لكن رغم هذا الموقف من الحزب الشيوعي فإننا سنؤسس بعد شهر من انقلاب سبعة نوفمبر في مقره بنهج المطوية جبهة العمل النقابي الديمقراطي لانجاز 18 خ،ع و هي الجبهة التي ستضم كل فصائل اليسار الماركسي و طلبة اسلاميون تقدميون و طلبة الطليعة الطلابية العربية الذين التحقوا بفكرة 18 خ.ع بعد ان انجز الاتجاه الاسلامي مؤتمره التأسيسي للاتحاد العام التونسي للطلبة .
تواصلت النقاشات لإعداد المؤتمر 18 خ.ع قبل ان يلتحق بنا سمير العبيدي من الجزائر لألاحظ في حدود شهر جانفي 88 ان نقاشاتنا اصبحت موجهة من خارج الجامعة و الحركة الطلابية و ان مؤتمرنا سيكون تعبيرا عن توازنات و اجندات الحركة السياسية في البلاد لا في الجامعة و رغم الحاح الاصدقاء فقد انسحبت من الاعداد و بالتالي من نيل نصيبي في اول مكتب تنفيذي تقاسمت فيه التيارات اليسارية المقاعد و قد كتبت بعد انسحابي مقالا منشورا في الطريق الجديد بعنوان ،،لم ينضج في بطن امه،، توقعت فيه ان الاتحاد العام لطلبة تونس الذي يعود في سياق تسويات بين السياسيين بعيدا عن ارادة الجماهير الطلابية سيبقى رهينة لتجاذبات السياسيين .و الحق انه لن يأتي المؤتمر 19 حتى تتصدع التسويات بين الاطراف ليدخل الاتحاد العام لطلبة تونس في تجاذبات الاطراف و اضطراب موازين القوى …
يا حسرة كم كانت تلك الايام جميلة رغم الاوهام و الاحلام و الصراعات الشبابية التي نتذكرها الان فنستغرب من اندفاعاتنا …