تروي الحكاية الشعبية قصة الراعي الكاذب الذي كان يصرخ طلبا للنجدة بدعوى هجوم الذئب عليه و حين يهرع اليه أهل القرية يستلقي ضحكا مؤكدا أنه يمزح. كرر الأمر مرات لكن يوم هاجمه الذئب فعلا لم يهرع اليه أحد فقد طنه اهل القرية مازحا كعادته .
الأحزاب التي تصارعت سنينا بدعاوى أنها تمثل "الحق" و خصمها يمثل "الباطل" و حشدت أتباعها على هذه القاعدة . كان قياديوها يعلمون الحقيقة و أن مزاعم الفسطاطين مجرد ماعون صنعة .
يعلم القيادي أن حزبه و خطابه ليس الحق مطلقا بل لعله باطل متنكر و يعلم أن خصمه ليس باطلا مطلقا بل لعل قوله فيه علنا غير قوله له سرا حين يجمعهم "التكمبين" في مقهى أو غرفة خفية أو في صالون انتظار بين "بلاتو" تلفزي و آخر يمارسون فيه على الناس دعاوى الصراع فيما بينهم على أساس أنه صراع حق و باطل و ابتساماتهما المتبادلة تقول : "لا تغضب مني صديقي ..ماعون صنعة للاستهلاك".
لكن لما "يجد الجد" و تقتضي السياسة و مصالحها "توحدا" بين "الخصوم المزعومين" في حكم أو معارضة لتحقيق المصلحة ..عندها لن يكون ممكنا اقناع أتباع "طيبين" بتوحد "الفسطاطين" لأن هؤلاء الاتباع تربوا بخطابات شحن مارستها عليهم "مؤسسات الارشاد و التعبئة" في الحزب "الجماعة" حتى أصبحوا يتصورون أنفسهم فعلا في "أحزاب عقيدة الحق" باسم "الثورة" أو "الحداثة" أو "الاسلام" أو "الطهارة" و تربوا على أن قياداتهم "باباصات" لهذه العناوين و أن من كلفوهم بمخاصمتهم لسنوات هم "الشر المطلق".
عندها لن يجد القياديون خطابا آخر الا "الايغال" في خطاب الطهورية الغريبة : نعم نحن الطهر و لكننا سنتوحد مع النجاسة مؤقتا لضرب نجاسة أكبر ..الجميع يقول ذلك على جميع من يتوحد معهم سياسيا و الغريب أن الجميع يقبل أن يقول عنه الآخر لقواعده انه نجاسة يتوحد معها "الطاهر" تكتيكيا . و ديما يمشي و القواعد "الطاهرة" تقتنع في الاخير . النموذج التونسي يا معلم .بكلها ت…..فيه ههههه !!!