صفاقس ليست ثورجية و لكنها مدينة التعاطي المتوازن مع حقائق الوقائع و حتميات التاريخ بعقلية :توفيقية التجار و اصحاب المال ..تفاوضية النقابي و الطبقة الوسطى و العمال ..هووية الدستوري التأصيلي (اليوسفية المعتدلة و الغرنوطية الثعالبية) ..رفض الاستئصال ..سلفيا كان أو بورقيبيا عنيفا .
حين خرجت في 12 جانفي ..يعني أنها أدركت ان هناك صفحة من تاريخ البلاد يجب أن تُطوى بسلمية لأنها استنفذت اغراضها .
أثناء المواجهة بين "جامع اللخمي" و "الاتحاد" في 2012 و 2013 اختارت صفاقس تجاوز الاقصيين من الجهتين لأن "الجامع" و "الاتحاد" تماما مثل المصنع و حانوت الحرفي و السوق و حوازة الزيتون و اللوز ..المدينة و الغابة و الجزيرة و الريف و الربض و الأحياء )تضم صفاقسية من كل الجهات استقروا منذ قرون و حول الجهة الى تونس مصغرة (هي كلها شروط توازن الجهة...لا يجب ان يقصي فيها طرف آخر ..
اليسار مثل الاسلاميين و القوميين و الدساترة ظلوا باستمرار قوى حاضرة و لها حظوظها في الجهة و أحيانا في نفس العائلة و رموز وطنية كثيرة لهذه التيارات تنحدر من المدينة و العلاقات العائلية بينها ساهمت في أحيان كثيرة في تخفيض التوتر الايديولوجي بين هذه الأطراف (لم تشهد المدينة عنفا ايديولوجيا بين المختلفين.)
تحزن المدينة و ترتبك من كل مغالبة بين الاطراف لذلك كانت علاقتها بعقلية الحكم الفردي بورقيبيا أو نوفمبريا متوترة باستمرار لأنها مدينة التوازن الميالة الى التسويات و الاستقرار الذي يريده "المنتج" (التاجر و الصنايعي و الفلاح و الخدام..)
من لا يفهم كيمياء صفاقس لا يمكن ان يحكمها بل يوتر أجواءها ..السبري و الخبثاني على طريق التوتير ..