استنطاق طارق الكحلاوي ..تغيير قواعد الاشتباك

Photo

لستُ معنيا أصلا بما قاله طارق الكحلاوي في البلاتو التلفزي الذي مثل موضوع دعوى وزير الداخلية السابق ضده. و لستُ مهتما بإثبات صحة ما قاله و حقه في قوله لسببين يسيطين :

أولا : أن طبيعة الضفة السياسية التي ينتمي اليها المُدعى عليه طارق الكحلاوي تعرف تماما أنها في مرمى النيران و لذلك تكون قياداتها باستمرار متحفظة و حذرة في التصريح و الكتابة حين يتعلق الأمر بفكرة أو معلومة مما يجعلني متأكدا أن الكحلاوي لا يمكن أن يقول أو يصرح بما يفسح المجال للمتربصين بالانقضاض عليه أو على الطرف السياسي الذي يمثله .

ثانيا: أن تصريح قيادي من الصف الأول في المشهد السياسي التونسي لم يمثل منذ هروب المخلوع و حكم الترويكا ثم عودة المنظومة القديمة للحكم موضوع متابعة أو ادانة أمنية . فكل القياديين من نداء التحيل الحاكم و شقوقه قد صرحوا في اطار مواجهة خصومهم أو في اطار حروبهم البينية بما يندى له الجبين من أكاذيب و كشف لأسرار الدولة بجميع أصنافها كأسلوب في "الصراع السياسي" مع الخصوم الدائمين أو كأسلوب لترهيب "الأصدقاء المنشقين" دون أن يفكر المستهدفون من هؤلاء أو أولئك في اللجوء الى مؤسسات الدولة الأمنية أو القضائية في الرد على أكاذيب أو تجاوزات قيادات الصف الأول من النداء الحاكم .

تقدم الوزير السابق بدعوى قضائية ضد خصم سياسي على أساس مشاركة في بلاتو تلفزي أورد فيه معلومات للتثبت منها أو لاستثمارها في جدل سياسي هو تغيير جذري لقواعد الاشتباك التي يحصل حولها شكل من التوافق الضمني بين القوى القديمة و القوى الديمقراطية .

بعد حوار الانقلاب الوطني و خروج الترويكا من الحكم ثم عودة القديم علنيا الى الحكم بدأت محاولات في الرفع من سقوف الاشتباك عبر الهرسلة بالشكاوى و الدعاوى القضائية و الأمنية للنشطاء الميدانيين المشاركين سابقا في مقاومة الثورة المضادة و قد تصرف القضاء و الأمن على العموم بشكل محايد على العموم في هذه الهرسلة رغم أن مثيريها يعرفون أنها لن تدين خصومهم بقدر ما تشغلهم و ترهقهم في المتابعات اليومية لملفاتهم حتى يمشطوا الساحة النضالية ممن يمكن أن يمثلوا ازعاجا لفشلهم و انكشاف تحيلهم في الحكم .

لكن أن يمر الآن الفريق العائد الى مزيد الرفع من سقوف هذا الأسلوب البذيء عبر هرسلة قيادي من الصف الأول في حزب معارض راديكاليا و جوهريا للنداء الحاكم رئيسا و حكومة و حزبا فهذا تغيير لافت لسقوف الاشتباك و استعادة سمجة لأسلوب بن علي .

لاشك أن رهاننا على جمهورية الامن الوطني و استقلالية القضاء تجعلنا مطمئنيين بأن المتحيلين لن يكونوا موفقين في استعمال هذا الأسلوب اللاتاريخي المتخلف و لا شك أن تجربتنا مع الأصل بن علي تجعلنا لا نخشى شيئا من النسخ المشوهة . لكن هذا لا يمنعنا من القول أن توقعاتنا برثاثة المتحيلين و ضيق صدورهم بالاختلاف كانت دون المطلوب.

لن يكون لسقوطيتهم قاع و لكن لن يكون لفشلهم الفاضح حدود . انجحوا في الحكم بأقل فساد فلن تنجحوا أصلا في الحكم باستبداد لا تقدر عليه أحجامكم و لا يرقى الى مستوى صمود معارضيكم ...عاركوا برجولية فقد كان غيركم أشطر …

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات