مهارة المتحيلين فهم رجال "نظام" (رجال دولة)..تحليل زيارة الباجي

Photo

(قراءة اعلامية سياسية نفسية)

زيارة الرئيس الحالي الأولى الى احدى الجهات الداخلية و ما رافقها من احتجاجات و احتقان تتضمن كل الحجج و الأدلة التي تدعم "سردية الفشل" و التي يمكن استعمالها صدقا في مواجهة الرئيس الحالي كما تم استعمالها كذبا في مواجهة الرئيس المرزوقي سابقا .

الفوارق الوحيدة هي التي نوجزها في هذا التحليل "الميديولوجي" (علم الميديا) و النفسي (علم نفس الجماعات و علم النفس السياسي) و السياسي العام :

أولا : الاحتجاجات في عهد المرزوقي على زياراته كانت منظمة بشكل حرفي دقيق حيث تتحرك الماكينات الحزبية لجبهة الانقاذ مستفيدة من المهارات التنظيمية لقوادة الشُعب في الجهات و البلطجية المُخبرين السابقين و مستفيدة أيضا من "الشجاعة" الميدانية لشباب اليسار .

في المقابل كانت أحزاب الترويكا عاجزة على التنظيم المُضاد لحماية هذه الزيارات . أما شباب الثورة المناصرين للمرزوقي وقتها فلم يكن يتعلق الأمر عندهم بنقص في الشجاعة الميدانية بل بحاجز نفسي لشباب تعود على المواجهة الجريئة للنظام و لكنه "يخجل" من الوقوف في الشارع دفاعا على "سلطة حاكمة" حتى لو كانت "سلطته" . و الدليل على شجاعتهم الميدانية أنهم امتلكوا الشارع و كانوا سادته في حملة الانتخابات الرئاسية حين كان الأمر في أعماقهم النفسية لا يتعلق بمناصرة "حاكم" بل بمناصرة "مرشح ثورة" في مواجهة "مرشح قديمة".

الاحتجاجات على زيارة الباجي الى قفصة أكثر دلالة و صدقية لأنها "عفوية" و لكنها لا تجد من يستثمرها بخبث في صياغة خطاب "الفشل" و ترويجه في مواجهة الباجي كما وجد من استثمر الاحتجاجات المنظمة و مدفوعة الأجر في عهد المرزوقي.

ثانيا :الاحتجاجات في عهد المرزوقي كانت تستعد لتلقفها مسبقا كل الأذرع الاعلامية (فلنقل جلها تخفيفا للقسوة) و كان هذا الاستعداد يتم بأوامر و استنفار كل المسؤولين على هيئات التحرير في هذه الأجهزة بحسن ارسال الصحفيين للتغطية و انتقاء أمهر المصورين (كادرور( للتمكن من التكامل مع التنظيم المجكم للاحتجاجات و اقتناص رسائلها و حركاتها مهما كانت هامشية أو غير مرئية أو غير مسموعة على أرض الواقع. أما زيارة الباجي الأخيرة فقد تمت في وضع "أمن اعلامي" مستتب رغم بعض تنطع "الأجنحة" في الأذرع الاعلامية الموالية لمرزوق و الرياحي و بعض سياسيي الساحل لكن الخط التحريري العام "مؤمن" و "تحت السيطرة".

ثالثا : الاحتجاجات في عهد المرزوقي تتم بتسهيل مُحكم من الادارة الجهوية العميقة لوصول "المحتجين" الى قلب المشهد حيث يوجد الرئيس المستهدف و بتواطؤ من المسؤولين على محيط "الكورتاج" من خارج مرجع نظر الأمن الرئاسي . كما تتكفل هذه الادارة بتوفير الظروف الملائمة من زبلة لا يتم رفعها أو خدمات يتم ايقافها . في المقابل يبدو محيط الرئيس الحالي "آمنا" من نفاذ الاحتجاجات العفوية و تبدو الطرقات نظيفة سالكة كما تبدو نباهة الكاميرات و الميكروفونات "الاعلامية" منصبة على نصف "كأس التحيل الملآن".

لكن رغم النقاط الثلاثة التي ذكرنا فلم يتمكن الباجي من اخفاء أحداث يمكن استعمالها من أجل خطاب "الفشل" ما يدل على أن الخرق سيتسع على الراتق …لن يحتاج الشعب الى سفيانات و بوغلابات و مريمات ليعرف أن الباجي ليس اكثر نجاحا أو أقل "فشلا" ممن سبقه .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات