بزناسة الشأن العام .. الديمقراطية و مواطن الشغل

Photo

هناك طبقة اجتماعية بالمعنى الماركسي للكلمة تنشأ في سياق الديمقراطية الليبرالية و تتطور بحسب تطور هذه الديمقراطية و تعقدها و هي طبقة ،، خدامة الشأن العام ،، و المهن الرديفة لها .

مثلما يكون هناك طبقة العمال و البورجوازية و الفلاحين و و البورجوازية الصغيرة فإنه يمكن اليوم و في تونس الحديث على طبقة واسعة تشغل عددا كبيرا من محدودي المهارات و الكسالى و كثير من أصحاب الذكاء و الفهلوة وهي طبقة ،، خدامة الشأن العام ،،.

الجمعيات ذات الاختصاصات المتنوعة اجتماعية و حقوقية و بيئية و سياسية و ثقافية و بالخصوص تلك التي نجحت في التشبيك مع مصادر التمويل الدولي الحكومي و غير الحكومي .الاحزاب و المنظمات الكبرى التي تتمتع بميزانيات محترمة لضمان التفرغات و الوظائف المدفوعة الأجر. المؤسسات الإعلامية الكبرى ذات الحضوة في الاشهار و التمويل من كبار اللوبيات المالية المحلية و الدولية .

كل هذه القطاعات تحولت إلى مجال للتشغيل و الاستثمار تضم جيشا كبيرا من العاطلين السابقين و محدودي الجهد العضلي و المعارف و الهاربين من تعب المهن النظامية أو من غير المحظوظين في الحصول عليها .و يتمتع المشتغلون في هذه القطاعات بمرتبات خيالية خارج الضريبة و الإنتاج الفعلي و يضطلعون بمهمة جوهرية في توفير ،، أجواء،، الحياة الديمقراطية من ضجيج جمعياتي و صخب سياسي و ربوخ ثقافي و إعلامي.

يتميز العاملون في هذه القطاعات ببرودة دم لافتة لا تجدها عادة عند ،، مناضلي الشأن العام ،، حيث لا يبدو على هؤلاء اي احساس بالحماس أو الاحباط أو الغضب أو الحزن أو الفرح الذي يصيب عادة ،، مناضلي القضايا ،، .بل إن اللافت أكثر أن،، خدامة الشأن العام ،، يسعدون بالأزمة و العراك و الاستقرار في المأزق لان ذلك هو مبرر استمرارهم في الخدمة مثلما يسعد الطبيب بالمرض و الحانوتي بكثرة الموت و لهذه الأسباب ترى هؤلاء حريصين باستمرار على تصوير أنشطتهم في قلب الصخب و الأزمة و هم في سعادة دائمة لان ذلك ما يجعل تقاريرهم الأدبية مكتنزة بما يضمن التدفق الدائم للتمويل من المانحين .بل إن خدامة الشأن العام أكثر الناس سعادة بتوتر الأوضاع و تحول مهنهم إلى ممن خطيرة و مهددة لأمنهم الشخصي أحيانا لان ذلك يمنحهم حضوة لدى الرعاة بما يجعل منهم ،، نشطاء ضروريين،، في المشهد .

خدامة الشأن العام طبقة مهمة يبدأ عملها غالبا في الضحى بعد نومة جيدة في الصباحات الكسولة و يتواصل عملهم إلى ساعة متأخرة من الليل بين الفنادق و المطاعم و البلاتوات و المطارات و الاجتماعات و يتمتع مجال خدامة الشأن بنفس ما تتمتع به المجالات الأخرى من نقل و ترقيات و منح إنتاج و غيرها من القواعد الضرورية لطبقة ضرورية في مشهد ضروري .و الفايدة في الهناء.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات