الغنوشي و خصومه : الصراع على الدولة القادرة لا الثورة الفاترة.

Photo

دعوة رئيس حركة النهضة إلى ،، عفو تشريعي عام ،، على من سيتضرر من المحاسبة في المسار الطبيعي للعدالة الانتقالية لم تثر في الساعات الأولى بعد صدورها إلا تعليقات غاضبة من ،، ضحايا،، الاستبداد و انصارهم من المنحازين إلى توصيف حدث 14جانفي 2011 بالثورة .

هذا الغضب ،، الثوري ،، المحسوب لن يشوش كثيرا على الأهداف المرسومة للدعوة بل لعله قد يضطلع بدور مساعدتها ،، موضوعيا ،، على تحقيق ،، أهدافها،، التكتيكية و الاستراتيجية التي يرسمها منذ سنوات ،، العقل الغنوشي ،، و يسير بمقتضاها هذا الجسم السياسي المركب و المتداخل الذي تمثله ،، النهضة ،، الحزب و الحركة و الجماعة و التيار الشعبي بما هي الممثل الرئيسي للقوة المقابلة للدولة بعد 14 جانفي بما هي المنظومة المتشظية و تيارات النخب المختلفة المتصارعة عليها و بها و بما هي العقل العميق المتحكم فيها منذ الاستقلال بتياريه الأساسيين المتصارعين على خياري ،، الاستيعاب / الدمقرطة ،، أو ،، التسلط / الإقصاء،، .

منذ تجمع القصبة الحاشد رمضان 2013 إثر اغتيال الشهيد البراهمي و في مقابل تجمع باردو حيث يحتشد أنصار الرحيل حسم الغنوشي خياره أمام أنصاره المعلنين لنفير ،، الاستعصاء ،، و كان خطابه ماء باردا على ،، نار عاطفة ثورية ،، لأنصار لن يقبل ،، الشيخ الأستاذ ،، هذه المرة ،، تحرير مبادرتهم ،، .و بعد أسابيع قليلة من هذا الخطاب سيكون ،، الشيخ الإسلامي ،، العائد إلى تونس بعد عقدين من منفاه في لندن ،، السياسة و الترتيبات الدولية ،، على طاولة الحوار و الاتفاقات في باريس مع ،، الشيخ البورقيبي،، الذي قاد المرحلة الانتقالية الأولى للحدث التونسي الثوري بعد أن أخرجته ،، دولة مضطرة للانفتاح ،، على مجتمعها المنتفض فاختارته من جملة من تبقى من ذاكرة رجال ،، الجناح الاستيعابي ،، في دولة وطنية ارهقها كثيرا جناح ،، الإقصاء،، حتى انتفض مجتمعها فاضطرت إلى،، طرد رأس نظامها ،، بين مغرب و عشاء بعد ايام دامية لخصت أسوأ عشريتين من الاستبداد و الفساد في عمر دولة استقلال طالما افتخرت ،، بحداثتها ،، .

لن يحسن فهم و تحليل ،، الصدمة الغنوشية الأخيرة،، إلا من حدق جيدا في حجم التحولات الكبيرة التي حدثت معا في العقل السياسي العميق للغنوشي و العقل السياسي العميق للدولة كممثلين وحيدين للقوى الفعلية في تقرير مصير النموذج التونسي الذي تصوغه موضوعيا صراعات القوة في الترتيب الدولي القادم لنظام عالمي جديد يتجه باطراد نحو تسوية أخرى لن تقوم في العصر العالمي الجديد إلا على ،، احترام براغماتي ،، متبادل بين القوى الفاعلة على أرض المواجهات على قاعدة تعادل المصالح و الاعتراف بتنوعها و ضرورة التسليم بحقها اذا ثبتت في أرض المقارعة بما يجب من قوة و ما يلزم من مرونة التسويات في نفس الوقت .

من حق أنصار الحسم الجذري على الاقصيين المتقابلين في صراع القوى أن يتمسكوا بقصووياتهم و لكن مكر التاريخ لن يجعل حقها هذا إلا مجرد مكمل وظيفي لتسويات القوى الفاعلة في الوسط بجعل الضغط المسلط عليهم من أقاصيهم كأطراف تسوية مجرد سلاح تكتيكي في أياديهم لتحسين شروط التسوية .

يذهب الغنوشي بعيدا مرة أخرى في المراهنة على ،، حلفائه ،، في أعماق العقل الاستيعابي للدولة لتجريد من يراه جناح إقصاء في عقلها و في حواشيها من أسلحته برعاية ،، موصولة ،، من غطاء دولي يميل أكثر إلى تونس ،، التسووية ،، . و في المقابل يشتد القصف القصووي بين جناحي ،، الثورة الناجزة ،، و ،، الردة الخائفة ،، داخل الدولة و خارجها .في نفس الوقت الذي تبقى فيه المعارضة تائهة بتياراتها المختلفة بين الانخراط في ،، صراع الأقوياء،، على قاعدة القبول بسقف ،، عقل الاستيعاب التسووي ،، أو الانتصار لقصووية الحسم مرة باسم الثورة و مرات كثيرة باسم رعب إيديولوجي من تسوية تستوعب فيه الدولة ،، الخصم العقائدي ،، الموغل في براغماتية محرجة لا تكف عن إغراء دولة و قوى دولية تغادر ،، تكتيك الإقصاء،، الذي لم ينتج شيئا أكثر من خسارات دورية لا تضمن،، استقرار مصالح ،، .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات