التفكير في السياسة مع الناس.. كيف نبني المجال السياسي ؟

Photo

اعجبني تعليق لصديقي الاستاذ الفصيح مصباح شنيب اذ لاحظ مستاء : " للتعليق على يوسف الشاهد انزلق عدد من التوانسة الى التنبير والاهتمام بالمسائل الجانبية يعني يا جماعة ما عدنا نحسن شيئا إلا السباحة في المياه الضحلة.." ثم اضاف .." بالنسبة الي كنت أتمنى ان يعالج التونسيون قضاياهم بقدر من الجدية في هذا الظرف الصعب الذي تجتازه تونس فإذا هم راسبون في مدار التيه ربي يقدر الخير ".

الحقيقة اني لم اتابع حوار رئيس الحكومة متلفزا و لكنني تقريبا عرفت كل مضمونه من خلال المقتطفات المكتوبة التي اوردتها المواقع الالكترونية و بقطع النظر عن الضحالة التي تردت فيها الصراعات السياسية التونسية فان للصراعات مع ذلك خطابها السياسي و لها ايضا فاعلون و لخطابهم و فعلهم تاثير و انعكاس على واقع الناس بل ان خطابهم و فعلهم وحدهما هما الذان يؤثران في حياة الناس ما يعني ان اخذ هذا الخطاب و الفعل على محمل الجد فهما و تحليلا و استشرافا هو السبيل الوحيد لانتاج فعل و خطاب اخر يقابلهما لمن يريد ان يكون ،، سياسيا ،، و ،، فاعلا ،، ينافس بدوره على التاثير في حياة الناس .

لكن المحبط فعلا ان نخبا على هذا الفضاء تنخرط مثل غيرها من ،، العوام ،، في ،، التنبير ،، و التقاط الهوامش في خطاب ،، الخصم الفاعل ،، وهو في هذه الحالة ،، رئيس الحكومة ،، بدعوى ان خطابه او فعله لا يتضمن ما يجب ان نهتم به تحليلا جديا و فهما للمنطق الذي يحكم فعله و استشرافا لفعله القادم .

هذا الحكم القيمي خاطئ من الاساس بمقتضى الواقع فمادام خصمك يحكم و يفعل اكثر منك فلا شك ان المطلوب منك كمنافس له في الحكم و الفعل ان تتامل خطابه بالجدية اللازمة تحليلا و استشرافا حتى تتمكن من ادراك ،، ما يجري ،، …

،، النخبة النبارة ،، على هذا الفضاء في الحقيقة هي تحلل و تتابع خطاب الخصم جديا و تأخذه فعلا على محمل الجد في الغرف المغلقة و لكنها على هذا الازرق تنخرط في لعبة ،، التنبير المبسط ،، و كأنها تستهزئ من شخصية عاجزة غير فاعلة او فاشلة او مهمشة في الحياة السياسية في حين ان الشاب يوسف الشاهد اكثر الفاعلين الحاليين نجاحا في غلبة خصومه مثلما كان الباجي في سنتين او اقل اكبر الناجحين في الفعل السياسي في انتخابات 2014 بحصد الفوز فيها في مواجهة ،، احزاب الثورة و الاصلاح و البين بين و اليسار و اليمين و الوسط ،، دون ان يهتم التاريخ كثيرا بتنبيرات الجميع على هذا الازرق ..

التنبير عوض التحليل هو تكتيك نخبة تعجز تجاه خصمها و هو تكتيك العلن لإرضاء العوام و لكن الاكيد انها تأخذ الامر بجدية اكبر في السر ....

لكن هذا الفصل بين العبث في العلن و الجدية في السر تنتج خطرا رهيبا ..و هو ان يتوهم الاتباع و العوام ان ،، التنبير ،، خطاب و تحليل سياسي و تدمن ذلك و تنفر من التحليل الجدي لمن يريد ان يأخذ كل شيء على محمل الجد و عندها تبقى الحياة السياسية بلا تحاليل و لا افكار فتتحول ساحة الجدل السياسي الى ،، تنبيرات عوام ،، يظهر فيها كل تحليل عميق ياخذ الامور بجدية مجرد خطاب غريب لواحد ،، عاقدها ،، و يتفلسف دون ان يفهمه احد كما علقت احدى ،، العاميات ،، ذات يوم على بلاتو تلفزي حاولنا فيه الارتقاء بالنقاش الى مصاف نقاش الافكار لا مماحكات القفشات و التنبيرات ..

في كلام الشاهد البارحة جمل مفاتيح مهمة تحدد جوهر الصراع الجدي الذي ينتظر البلاد .. من يريد موقعا جديا في الصراع القادم يجب ان يأخذ كلام خصمه او حليفه او شريكه في المشهد على محمل الجد. التحليل الجدي للخطاب وحده هو الذي يصنع مواطنين لا جمهور غرائز ...و عوام تسطيح ...و الله اعلم …

رغم السطحية و الطابع الهامشي للملاحظة و كونها ليست جوهر الحوار و بعيدا عن الفذلكة ...تذكير يوسف الشاهد ،، بانتسابه الى المرحوم حسيب بن عمار ،، قد ..اقول قد ..قد يكون ملاحظة طريفة لمن يريد ان يحلل حتى بالتقاط ،؛ الفيتشر ،، و المهمل في الخطاب ...ان تقول انك سليل راضية الحداد و حسيب بن عمار ..

يعني ان تقول لمن يلتقط الاشارات انك سليل الجناح الدستوري الاستيعابي ..اي انك سليل الدمقرطة و النزوع الانفتاحي في الموروث الدستوري اي في عقل دولة الاستقلال تمييزا لنفسك عن الموروث الدستوري الاقصائي في عقل هذه الدولة …

انك ولد حسيب بن عمار و راضية الحداد يعني انك تقول ان منافسك هو اما ولد خط الصياح / نويرة او خط الارتداد و التراجع عن خيارات كتلة احمد المستيري بمعنى انك ولد من خرج بعد مؤتمر 70 مع الخط الاصلاحي المطرود و المقصي ثم عاد ليشتغل مع خط الاقصاء (الباجي ..بولعراس .. و غيرهما ).

...هاهو كي نحبو ننبرو كيفاش يولي تنبير صحيح ...ناقشني ما تشدش في الشكليات...اما اعرف تفاصيل السياسة و عايلاتها من خمسين سنة و افهم تنبيراتها على بعضها …

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات