من المؤكد ان الاحتجاج الاجتماعي يبقى بلا أفق جذري يمكن أن يزعج الماسكين بمركز السلطة و لاشك أنه قد يصبح آلية يستثمرها المتصارعون في المركز في هرسلة بعضهم بعضا حين يبقى بلا رؤية و قيادات فكر و تنظيم تليق بحجمه.
لكن المؤكد أن السلطة و معارضيها لا يفعلون في صراعاتهم و هم يستثمرون في الاحتجاج الا الاستمرار في ادارة الأزمة .انتصار طرف على طرف ليس أكثر من مراكمة لأوهام حكم أو وهم معارضته للحكم مكانه في سلطة يتوسع انعزالها عن مجتمعها بحيث لا يسندها غير شرعية نيل رضى رعاتها المتنوعين من المسؤول الكبير فتصبح عروشا خاوية يتداول عليها مكلفون بمهام يتغيرون بحسب استحقاقات المسؤول الكبير.
الاحتجاجات الاجتماعية حدث حقيقي تنتجه ازمة حقيقية .لاشك ان هذه الاحتجاجات لا تجد الآن مضامينا و تنظيما و قيادات تحولها الى احداث مغيرة جذريا للتاريخ و لا تملأ هذا النقص تدوينات و ثرثرات ،،سياسيين،، أو مثقفين حاليين لا تتجاوز سرديات المدح و الهجاء و زعم الحكمة في شؤون الحفاظ على الدولة او في شؤون التنظير للثورات .
ان تكون الاحتجاجات حقيقة و تعبيرا على ازمة حقيقية سيجعلها الثابت الوحيد في تاريخ تونس المعاصرة حتى يقيض الله لهذا الشعب قيادات و افكارا كبيرة لصنع ارادته .حين يأتي هذا الزمان ستنتهي الأزمة و ينتهي معها كل ديكورها من طبقة سياسية دون المرحلة و سلطة زائفة و مركز بلا ملامح .اذا جاء وعد ربي جعلها دكا و كان خلق جديد كما تؤكد الخلدونية و هي تقرأ سنن التاريخ.
لو كان الوقت قد حان لحدث الخلق فليس اكثر تحفزا مما عليه شعبنا الآن و لكن الزمن يحتاج الزمن و لكل شيء ابان و لكن اكثرهم لا يعلمون.