المشكل حقيقي و لكن نقاشه سطحي غالبا

Photo

تفاعلا مع مقال اولي للصديق زهير إسماعيل حول ،، الدولة العلمانية ،، و الشعب المسلم. اقول ان إشكالية العلمنة و الأسلمة في الفكر السياسي العربي هي فعلا إشكالية حقيقية غير مغلوطة .

الإسلام هو فعلا ،، دين ،، و ،، دولة ،، بالمعنى النظري و التاريخي و الانثروبولوجي لما يسمى بالأديان الشمولية التي لا تقدم للفرد المتدين بها مجرد رؤية شخصية للعالم و عقيدة ذاتية تخص ضميره الشخصي و عبادته الفردية بل ،، تفرض عليه مبادئ عامة ،، يشترك فيها مع ،، الجماعة / الأمة،، التي تدين بذلك الدين الشمولي فتصبح تعاليم ذلك الدين الشمولي ممتدة من تنظيم علاقة الإنسان بربه إلى تنظيم علاقة الإنسان بغيره من المنتمين إلى نفس العقيدة و بغير المنتمين إليها داخل نفس الجماعة ،، الوطنية ،، و علاقته بغيره .

العلمانيون العرب القصوويون كانت دعوتهم فصل الدين عن الدولة لأنهم يعرفون و هم على صواب أن الإسلام دين و دولة و يرون الدولة في الإسلام وفقا للمنظومة الفقهية التي تبلورت في المذاهب المختلفة و التي تعتمدها جماعات الإسلام السياسي في بدائلها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و هي بدائل يراها العلمانيون العرب وهم على حق أنها متناقضة مع ما يعتبرونه قيما كونية و مع صورة ،، الدولة الحديثة ،، كما يفهمونها في الغرب و هذا صحيح.

في الطرف الأقصى المقابل للعلمانيين العرب القصويين يقوم الإسلام السياسي الشريعي (اخوان و سلفية ) ممن يعتبرون و هم على حق أن الإسلام دين و دولة و يجعلون تعاليم الدولة إسلاميا مجموع الأحكام الفقهية التي بلورتها المؤسسة الفقهية عبر التاريخ حول النص الاصلي (القران ) و الفرعي (الحديث ) و الإجماع(آراء فقهاء المذاهب المنتصرة الخمسة ) .و بذلك تكون الدولة الإسلامية فعلا كما يتصورها هؤلاء في تناقض جذري مع الدولة العلمانية المدنية كما يتصورها أولئك مما يجعل العلمنة و الحداثة فعلا و بهذا الفهم للاسلام هي لا اسلام أو انسلاخ منه اي كفرا بالعبارة الاوضح وفقا لهذا الفهم للاسلام .

تبلورت في الفكر الإسلامي المعاصر رؤية ،، توفيقية،، حاولت إعادة فهم العلمنة و الحداثة و الكونية من جهة و الإسلامية من جهة أخرى. تقوم هذه الرؤية على اعتبار أن الإسلام دين و دولة فعلا .و الدين فيه هو العقيدة اي قواعد الإيمان و هي مسألة شخصية تحمي الدولة الإسلامية حرية الشخص في الإيمان أو عدم الإيمان بها أو التعدد في طريقة الإيمان بها عبر السماح للمؤمن والاعتقاد وفق ما يريد من مدارس كلامية اعتزالية أو اشعرية أو ما تريدية أو عرفانية .

اما ماهو دولة في الإسلام من قوانين اخوال شخصية و اقتصاد و نظام سياسي و اجتماعي و علاقات دولية و تنظيم الفضاء العام فقد اعتبر هؤلاء أن اسلاميته المقصودة ليست ما أقره الفقهاء تاريخيا و لا ما مارسته الدول المسماة اسلامية عبر التاريخ من خلفاء راشدين و أموية و عباسية الخ بل المقصود هو جملة مقاصد الشريعة التي من حق الدولة الإسلامية أن تحققها بالاقتباس من كل التجارب بما في ذلك تجارب الديمقراطية الغربية الراهنة مع جعل مفهوم المقاصد ما قبله العقل و اقرته الجماعة الوطنية عبر وسائل الاختيار المعاصرة وهي الانتخاب .

إذن لا مشاحة في القول ان الإسلام دين و دولة فهذا تحصيل حاصل لكن السؤال هو اي رؤية نبني عليها في التعامل مع هذا التحصيل الحاصل هل هي رؤية الفريق الأول ام الثاني ام الثالث .اذا طرحنا هذا السؤال سيصمت السياسيون و ينطق أهل الفكر و تنجز عندها الأجوبة الحقيقية على الأسئلة الحقيقية .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات