حركة التلفزة العمومية بتنظيم تيليتون نابل مهمة في سياق وضع انقسام و جفاف احساس وطني بضرورة الاهتمام بالشأن العام.
حدث ،، الثورة ،، منذ ما يقرب ثماني سنوات كان واعدا بأن يكون حدثا قيميا و حضاريا يؤسس لتجديد التعبئة حول مشروع وطني جامع بعد افول و ترهل التعبئة على المشروع الوطني الأول للاستقلال و تراكم الجراح و الانشقاقات داخل المجتمع و بين المجتمع و الدولة .
في سياقات عالمية و عربية نعيش منعطفا تاريخيا للإنسانية يتم فيه ترتيب كوني جديد و تتسابق فيه الشعوب و القوى لافتكاك نصيبها في طاولة ،، التفاوض ،، على مصير المعمورة و حقوق الامم المضطهدة و في مثل هذه المنعرجات التي يشتد فيها التجاذب و صراع القوى تنجح الامم و الشعوب التي تتمكن نخبها من قيادتها في معركة العالم بصياغة مفردات المشروع الوطني المعبئ .
قيمة التضامن و الاستعداد للتضحية و المقاومة من أجل مشروع و وطن جزء من السردية الجامعة التي تبني شعبا و تمكنه من بناء مشترك يتعالى عن الخلافات الجزئية و التعدد الشرعي و المشروع فكريا و سياسيا فيتحول هذا التعدد المصهور في المشترك الوطني إلى مصدر قوة لتجاوز كل أشكال الصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية و لتحصين المجتمع من قيم الفردية و الأنانية و الفساد و الانتهازية باعتبارها مصدر الاحتراب و المطلبية ثم الجريمة و نهش الثروة الوطنية .
لكن ذلك كله لن يكون إلا بنخب مقنعة و قادرة على الإقناع بأنها ممثل حقيقي لهذا المشترك .الفنان النظيف و السياسي المكافح و المثقف العضوي و الاعلامي الملتزم و الرياضي و الناشط الجمعياتي و غيرهم من ،، القدوات ،، هي التي تستطيع تعبئة الناس حين يرون ،، الوطني الجامع ،، في سلوكهم و حياتهم و خطابهم و ممارساتهم .
دون ذلك يتحول كل تبشير بالوحدة و التضامن الوطني مجرد خطاب مناسباتي بارد لا يحرك احدا في سياق حرب أهلية صامتة تغذيها النخب باجتهاد مشهود منذ أول تنافس سياسي بعد الثورة .