الرئيس الباجي قايد السبسي سيضطرني مستقبلا الى عدم المرور من ساحة 14جانفي افريقيا سابقا لأنه قرر اعادة تمثال بورقيبة الى مكانه... ومن المنتظر ان يكون التمثال مكان الساعة يوم 20 مارس القادم... ويفعل الباجي ذلك امعانا في احتقار ثورة الشباب فهذه الثورة لم تكن ابدا ضد نظام بن علي فقط..انما ضد الاستبداد والظلم والفساد والعمل على ارساء الديمقراطية واحترام الدستور وتعميق الحرية وترسيخ ثقافة احترام حقوق الانسان.
يعني ان الثورة كانت ضد نظام بورقيبة ايضا... هذا النظام الذي لم يحترم لحظة واحدة حقوق الناس بل هو الذي أرسى الاستبداد وألغى كل الاحزاب ومنع كل الاصوات المخالفة له واغتال الزعيم الذي خالفه الراي وحاكم انصاره ولاحقهم كامل فترة حكمه…
كما انه منع دراسة التاريخ الذي يبرز شخصيات وطنية مناضلة ضد الاستعمار بمن فيهم محمود الماطري الذي كان رئيس الحزب الدستوري وهو واحد من ابرز مؤسسي الحزب في قصر هلال في 2 مارس 1934 بل انه كان من شبه الممنوع ذكر اسم صالح بن يوسف في اي وثيقة كانت حتى لا يتحدث المؤرخون إلا عنه كاكبر زعيم.. وهو المجاهد الاكبر.. وعلى الشعب ان يخوض اللهيب بروح الحبيب..
نعم ان النشيد الوطني كان يذكر اسم الحبيب وهو ينص بالحرف الواحد نخوض اللهيب بروح الحبيب زعيم الوطن... فهل هناك في العالم نشيد وطني هو نشيد الزعيم وليس نشيد الوطن بروح الوطن... نعم انه يفعل ذلك وجماعته لا يتحدثون في هذا الموضوع على الاطلاق حتى يبرزون نبوة بورقيبة وليس بشريته وإنسانيته وهو عندهم رجل بلا اخطاء وما ان تذكر اخطاءه حتى تصبح عدوا. هذا بالنسبة لليوم اما في زمنه لا تصبح عدوا فقط بل يتعرض للسجن والمحن وربما التعذيب..
ولا ننسى ان بورقيبة اعلن نفسه رئيسا مدى الحياة ونص الدستور التونسي على ذلك بالاسم اي ان بورقيبة يستمر في حكم تونس مدى الحياة...
فهل هناك دستور في اي دولة من العالم يتضمن اسم الرئيس وينص على ان يكون هذا الرئيس حاكما مدى الحياة. وقد عشنا اخطاء بورقيبة التي تعمقت اكثر بعد ان بلغ الثمانين... فتصوروا لو بقي في الحكم وهو في التسعين من عمره..
على كل فقد ابعده نظامه عن الحكم باعتبار ان الذي قلبه عسكريا وامنيا ودستوريا اعتمادا على صحته المتدهورة هو نظامه ولم يقم بإبعاده معارض او قيادة عسكرية مباشرة.. فلا ننسى ان بن علي كان عضوا بالديوان السياسي وهو الوزير الاول... وبهذه الصفة ابعد بورقيبة... وقد تجاوز بن علي الدستور عندما ابعد بورقيبة باعتباره رئيسا مدى الحياة…
وللعلم ان الذين يعملون الان على اعادة بورقيبة الى القلوب والى الساحات العامة في انصاب برونزية.. لم يدافعوا عنه لا بالكلام ولا بالمواقف ولا بالخطب ولا بالتهديد ولا بتحريك المنظمات العالمية ولم يجد بورقيبة من حزبه موقفا واحدا لصالحه بل لا احد طالب باحترامه في سجنه بالمنستير والوحيد الذي طالب بزيارته هو محمد الصياح ولما رفضوا مطلبه لم يلجأ الصياح الى اي هيكل من الهياكل الانسانية في العالم لفضح هذه الممارسة اللاانسانية التي يتعرض لها زعيم البلاد وقد حرم بورقيبة حتى من زيارة قبر امه وهو الذي كان كلما ذكر امه بكى وهو يذكرها دائما لإبراز وضعها المزري نموذجا للمراة التونسية المضطهدة.
وعمل بن علي على مسح اسم بورقيبة من الوجود السياسي ولا احد من السياسيين الذين عملوا مع بن علي قال للرئيس بن علي لا.. لا احد...
فكيف اليوم يصبح الرئيس المستبد بطلهم من جديد... نعم هو بطلهم. لكنه ليس بطل الشعب اليوم فاكثر من ثلثي البلاد اليوم لا تعرف بورقيبة ولذا لا يجب ان نكذب على من لم يعرفه…
علينا بان نقول له الحقيقة... على الاقل عليه ان يعرف ان بورقيبة كان واحدا من الزعماء وليس الوحيد. وهو الذي اغتال الزعماء والحريات وفرض الديكتاتورية وأعلن نفسه رئيسا مدى الحياة وهو الذي علم التوانسة ان الديكتاتورية هي الحل الوحيد لهذه البلاد وهو تعليم خاطئ ونظرية فاسدة لا تصلح إلا لكل الذين جاؤوا الى السياسة والحكم للنهب والفساد والحكم الفردي حتى لا يرفع احد صوته وهو يرى الظلم ويتجرع مرارة الناهبين والمستبدين…