في نادي السرديات توفيق بكار : متعة السرد في متعة النقد
لما انهيت بشيء من التعب الذهني قراءة الرواية الثانية للكاتبة خيرية بوبطان *ابنة الجحيم* قررت اعادة قراءتها للتوغل فيها اكثر وفهم سبب هذه المعاناة التي انتابتني فانفتحت الرواية امامي . وأحببتها ..وحدثتني عن نفسها وعن طواياها وهموم الكتابة الروائية داخلها وعن عمقها الشعري وكشفت لي عن لغتها الجميلة المنحوتة على الواح القصص الغارقة في العدمية التي لا تكتسي الغرابة كما يتبادر الى ذهن بعض القراء او النقاد .
قصص ركبتها الكاتبة واحدة بعد الاخرى لتتشكل في النهاية هذه الرواية التي اعتبرتها من السرد السحري على طريقة كتاب امريكا اللاتينية وخاصة غارسيا ماركيز …
ولاني لا اعرف هذه الكاتبة ولم يسبق لي ان قرأت لها اثرا فقط قرأت عنها على النات بعض المعلومات التي قالت لي بأنها كتبت الشعر وبرزت فيه ثم اختفت لعشر سنوات او اقل بقليل ..لأسباب خاصة ثم خرجت على الساحة الادبية برواية اولى ثم اردفتها بجحيمها هذا *ابنة الجحيم * سعدت بالدعوة التي وصلتني من الصديق الكاتب مصطفى المدايني رئيس نادي توفيق بكار للسرديات بدار الثقافة ابن خلدون يوم الخميس الماضي للبحث في هذه الرواية على اساس انها الفائزة بالكومار الذهبي ..و البحث في رواية ثانية فائزة ايضا بإحدى جوائز كومار وهي بعنوان *ليت شهدا* للكاتبة والباحثة صفية قم …
وهي من الروايات التي قرأتها في الصائفة الماضية وأسعدتني هي ايضا للغة المتميزة التي جاءت بها ..وهي تبحث في قضايا الانسان والإنسانية من خلال العلاقات البشرية العادية اليومية التي يعيشها وهي تشكل العمود الفقري لهذه الحياة ولا حياة دونها ..مع مناقشة مؤسسة الزواج وما تطرحه من هموم وما ينبع منها من مسائل فكرية واجتماعية ..وليس اعمق من هذه المؤسسة في فهم روح الانسانية وزخمها فعي سبب السعادة او سبب التعاسة وهي من البدء قد تتسبب في الحروب العائلية الصغرى التي قد تكبر لتكون وراء كارثة الانسان في المطلق..
كنت حاضرا في الامسية التي تم تخصيصها للروايتين من تقديم طريف فقد تكفلت الناقدة الاستاذة فوزية صفار بعرض الروايتين نقديا ..وتولت الاستاذة صفية تقديم رؤيتها لرواية * ابنة الجحيم * في تبادل للأدوار تولت الكاتبة خيرية بوبطان تقديم رواية * ليت شهدا*….وهي لعمري طريقة طريفة وموحية وجذابة.
الجلسة كانت نقدية بامتياز فقد امتعتنا فوزية صفار في جولتها في اعماق النصين الروائيين ..وقد اوغلت فيهما بسباحة ادبية لا بد من الاشادة بها لأنها استعملت طريقة نقدية تشجع على القراءة مع انها لم تجاري المبدعتين ولم تتجمل لهما بل قالت رأيها بلا مواربة ولا نفاق رغم انها تتحدث عن الاثرين في حضور صاحبتيهما ..وهذا ما نطلبه حتى يصبح النقد نقدا ادبيا ولا مجاملات او محاولات للتشويه المجاني….
قضايا كثيرة ادبية واجتماعية وفلسفية تم طرحها في هذه الجلسة الادبية المتميزة التي حضرها كتاب من الطراز الرفيع من امثال الاساتذة محمد البدوي و رشيد القرقوري و الحبيب حمادي وغيرهم.
ومن القضايا الادبية التي تم النظر فيها الغريب والعجيب والأدب السحري ومن القضايا الفلسفية تم الحديث عن الوجود البشري وعلاقته بالكون ومحاولة الجواب على السؤال الدائم من انا …و *ان تكون او لا تكون* ومن القضايا الاجتماعية كان التركيز على الزواج والحب والنفاق والكذب . والرغبة في التغيير والإصلاح في المجتمع…….
ولم تكن في الجلسة الثرثرة التي تعودنا بها . .بل كانت ممتعة ..ومشجعة على حضور الجلسات الادبية لان المستوى كان راقيا…