لماذا هم ضد الثورة

Photo

نشرت جريدة الشروق يوم 9سبتمبر 2014 مقالا تضمن تصريحات جد خطيرة لأحد أعوان الخزينة العامة قبل الثورة أعلن فيها أنه اكتشف اختلاسات تقدر ب57 مليار سحبت على مدار يومين فقط ولما قدم تقريرا في الغرض عنفوه وطاردوه وقدموه للمحكمة عدة مرات لأنه مس ،، شرف ،، سياداتهم وبرأه أحد القضاة المعروفين باحترام القانون وحماية المجتمع من الفاسدين وبعد الثورة ماذا حدث للأسف تمكن الفاسدون من التغطية على الموضوع وطبعا لا توجد وثائق والجميع من المهتمين بالشأن السياسي يعرفون أين ذهبت الوثائق ومن أشرف على حرقها.

وبالمناسبة كتبت هذا المقال عن النموذج الذي قدمه عون الخزينة العامة.

الادارة التونسية التي لا تقهر في النظافة نظافة اليد طبعا .

هذه هي الادارة التونسية التي يدافعون عنها اليوم ويقولون لولاها لما حصل الناس على مرتباتهم بعد الثورة ولولاها لغرقت تونس في الظلام وعطش الناس أجمعين ...وما هذا المثال إلا نموذج فقط لما كان يجري ....والغريب ان النهضة تقول بهذا وهي التي قبل الثورة نالها ما نالها من كل هياكل الدولة تعذيبا وسجنا وطردا وتهميشا.مع المنع من العمل في الوظيف على اي مستوى كان…

النهضة الان تقول بما يقول راشد الغنوشي بان الماء والضوء والشهرية لم يمسسها ضرر في بداية الثورة..وما قالت النهضة بهذا إلا لأنها تأكدت انها لا يمكن ان تكون موجودة وصاحبة حضور سياسي ان تمادت قياداتها في انتقاد الموظفين خاصة منهم اولئك الذين يتعاملون مباشرة مع المواطنين في قضاء شؤونهم .

نعم لقد تأكد لديها ان الدولة العميقة لا يمكن مقاومتها ومكافحة الفساد فيها فكان ان تبنت ما يمكن ان تحمي به نفسها منها .. فلا يمكن المس منها لأنها ماسكة بكل الخيوط عبر الفساد بكل انواعه....مع الترميز على خيوط الاعلام قبل الثورة وبعدها بالاعتماد على اعلاميين فاسدين وطماعة وحالمين بتأسيس جرائد وتلفزات وإذاعات على حساب الدولة وهم المنتفعون بها لوحدهم ..وطبعا لا يصنعون اعلاما بل يبنون منظومة اعلامية دعائية لتبرير الفساد او التغطية عليه…

ولأن البلاد كانت هكذا فان الكثير من المفسدين تحركوا ضد الثورة وهم الذين يروجون مقولة أن تونس بن علي هي أفضل من تونس اليوم …

وهذه الادارة لا احد تمكن من اصلاحها وتنظيمها من جديد رغم مرور خمس وزراء جدد عليها في ظرف ست سنوات....

واليوم يتم تعيين عبيد البريكي على رأسها ..وهو من هو حسب ما يعرفه الناس منذ سنوات عديدة ..ولا اريد ان اقول شيئا في هذا التعيين ..فقد كتبت فيه في الابان اي اثر تكوين الحكومة الشاهدية ..و قد نشرت رأيي بكل صراحة...فانا لا استثيقه....

فهل تتوقعون جديدا في الاصلاح الاداري…

لا ادري ..اننا اذا ما علمنا ان المافيا قوية وان الصغار يساندونها لأنهم منتفعون منها فاني لست متفائلا.....

سأضرب الامثال الصغيرة لأعداء الثورة من الصغار مع التأكيد ان المخلصين والأنقياء والمتقين في اموال الدولة والشعب موجودون طبعا انما حديثي اليوم يتعلق بأعداء الثورة الذين يشاركون المافيا موقفها.....


• كيف تريدون لعون ديوانة أن يحب تونس اليوم وهو الذي ينفق في اليوم الواحد على ملذاته ما يوفر حياة عادية لعائلة فقيرة لأكثر من شهر…

• وكيف تريدون لعون أمني او بلدي او حتى بنكي أن يقبل بالثورة وهو الذي لا يعود الى بيته في نهاية عمل يوم كامل إلا بعد أن يضع في جيبه ما لا يقل عن مرتب شهر كامل .....

• وكيف تريدون لأعضاء البلديات السابقين ان يرضوا بما احدثته الثورة وهم الذين تمعشوا طويلا وكثيرا من رشاوى الرخص للبناء والتعمير والانتصاب في الاسواق وفي الشوارع ....وساعدوا اهاليهم على كل انواع التجاوزات في كل المجالات التي تعود بالنظر الى البلديات...

• وكيف تريدون لموظف متوسط الدخل ومن ذوي الرتب العادية في بنك قسم القروض او الصرف وغيرها أن يحب الثورة ويقبل بها وهو الذي تمكن من بناء قصر في العاصمة وقصر آخر في مسقط رأسه ومرتبه لا يتجاوز في الأقصى ألف دينار قبل الثورة طبعا
وكيف تريدون من موظف كان مسؤولا على اصدار التراخيص في جل الوزارات في أمور مهمة ان يفرح بالثورة وهو الذي كان لا يوقع على ترخيص إلا بعد أن يضع في جيبه ما به يمكن أن يكون مرتب موظف كبير....

• وكيف تريدون من بعض المثقفين ان يحبوا الثورة وهم الذين تمعشوا بقوة من ميزانيات هياكل وزارة الثقافة ومن برامج الدعم التي تبلغ المليارات سنويا في المسرح والسينما والفنون الموسيقية كما تمتعوا من المهرجانات والملتقيات ..ومن وكالة الاتصال الخارجي ..ومن هذه حدث ولا حرج فلقد كانت اموالها بلا حساب ولا ضرائب ولا اعلان عن الاسماء....

واني اذ أعتذر لهذه الأصناف من المجتمع لأني ذكرتهم وحدهم وتوقفت حتى لا يحس المواطن الشريف المغلوب على أمره بالقرف فاني أقول أن الفساد مس اغلب الفئات بما فيها رجال التعليم فما قولكم في هذا الأستاذ الذي تخصص في الدروس الاضافية تمكن من قهر تلميذ يمكن ان نصفه بكونه فقيرا معدله اقل ما يقال فيه انه حسن تمكن ان اقناعه بأنه لن يفهم كل الدروس في الرياضيات وفي الفيزياء ان لم يأخذ دروسا خصوصية لديه وأنه لن ينال أكثر من 2 على 20 ان لن يلتحق به لتلقي الدرس الواحد مقابل 10دينارات للساعة الواحدة...

ولما قبل التلميذ بهذا الضغط وذهب الى بيت الأستاذ اكتشف أن أستاذه يقدم دروسا لعشرين تلميذا في آن واحد في الصباح وعشرين تلميذا في المساء ..فاحتسبوا ما هو دخله...... مع الملاحظ انه يمارس هذه الدروس منذ عشرين عاما ....

اعرف ان المواطن هو الذي يضغط على الاساتذة ليوافقوا على اعطاء ابنائه الدروس الخصوصية لان فكرة خاطئة تروج في البلاد عن الدروس الخصوصية لن يسعى الاساتذة الى تصحيحها او تقويم الخطأ فيها .... الاستاذ اامتخصص في الدروس الخصوصية عوض ان يكون رحيما فانه يستعمل فنونه الجديدة التي انتشرت في السنوات العشرين الاخيرة خاصة .وهي طبعا تتعلق بجمع الثروات التي بها يفقد عمق روحه التربوية ..ويكون نموذجا سيئا في المجتمع الذي يبحث دوما عن قيادات في احترام القيم وممارسة المبادئ.

وما قولكم في فضائح بعض الاطباء في المصحات وما رشح من فضائح في لوالب القلب منتهية الصلوحية التي تم تركيبها لمرضى القلب .... وهل أواصل .

هل أواصل …

المهم من هنا ان تتأكدوا اننا تناولنا فساد الصغار لأننا تعبنا من الحديث عن المافيا ....وفسادها الكبير
أقول فقط افهموا يا ناس كيف تمكن أعداء الحرية والديمقراطية وأصدقاء الفساد والمفسدين من العودة الى الصدارة رغم الثورة التي مات فيها المئات واليوم لا نذكرهم على الاطلاق ونذكر الناس بان البلاد اليوم مفلسة و الاقتصاد مدمر ..ليؤكدوا بسهولة في كل يوم يمر أن الأوضاع مع بن علي كانت رائعة وليست فقط أفضل ..وان الثورة دمرت كل شيء..

والله الثورة لم تدمر شيئا انما المفسدون هم الذين دمروها بالتغطية على فساد ستين سنة ليركزوا على فساد ما بعد الثورة تعود اسبابه كما يعرف الجميع للانفلات الذي يحصل دائما اثر الثورات والانقلابات إلا ان الامور سرعان ما تستقر لفائدة الامن والإنتاج من جديد...إلا ان في تونس لا شيء عاد الى طبعه نظيفا او هادئا. لان من تحدثنا عنهم لا يريدون الاستقرار ..لان الاستقرار يكشفهم ..ويكشف فسادهم ولذا يعمدون على ان تتواصل الانفلاتات ..

هل فهمتم الآن لماذا لا يحبون الثورة ويحاربونها ويعتبرونها مسخرة أو مصيبة .....

انهم خائفون من زوال النعمة الفاسدة نعم هم الآن يتمتعون بها وكأن شيئا لم يحدث انما يتواصل في أعماقهم الخوف فمن يدري قد تفتح الملفات فعلا وتبدأ المحاسبة .....لذلك تراهم اليوم ومنذ بداية الثورة يطالبون بالمصالحة وبلا محاسبة ويتهمون كل من يتمسك بالحق والعدل والمحاسبة يتهمونهم بالسلفية و النهضوية والإرهاب ايضا .....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات