تمتّعت مساء السبت الماضي بمجلس ادبي احتضنه فضاء التنشيط بالمكتبة المعلوماتية باريانة تمّ خلاله تقديم مجموعة قصصية جديدة عنوانها «قهوة اكسبريس» للكاتبة الكبيرة حفيظة قارة بيبان المعروفة باسم « بنت البحر » منذ اكثر من اربعين سنة....وذلك بتنشيط لم يتعود عليه الجمهور كثيرا او هم لم يتعودوا عليه اطلاقا مثلي انا برغم اني عشت حياتي كلها وأنا بين الندوات والملتقيات والمهرجانات و رغم ان القائم به هو واحد من اصدقائي الخلص منذ الثمانينيات هو الكاتب والفنان المتعدد والشاعر الهكواتي سالم اللبان الذي اكد لنا في هذا المجلس انه يمارس هذا النوع من التنشيط منذ سنوات عديدة بنادي الطاهر الحداد الثقافي في مدينة تونس العتيقة وفي فضاءات اخرى منها المركز الثقافي بالمنستير ......
فقد اكتشفت اني بالفعل لم احضر البرامج التنشيطية للهكواتي منذ منتصف العشرية الاولى من القرن الواحد والعشرين لاني كنت منغمسا في شغلي الاعلامي بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كمدير متعاقد للاتصال منذ سنة2005 الى نهاية 2013 …ثم ابتعادي بشكل شبه كلي عن الحياة الادبية في السنوات الثلاث الاخيرة لأسباب شخصية ارهقتني كثيرا..
واليوم انا اتعافى من اسباب ذاك الارهاق عدت الى الحياة الثقافية شيئا فشيئا بسعادة شاهقة ..ومتعة عالية …فوجدت نفسي في هذا المجلس الذي اتقن اعداده وإدارته سالم اللبان ..فقد استضاف الكاتبة حفيظة قارة بيبان المقيمة في بنزرت مسقط رأسها حيث تدور احداث الكثير من اعمالها السردية مثل روايتها « دروب الفرار » الرائعة…
ومعها استضاف الناقدة المبدعة سعدية بن سالم التي قرأت «قهوة اكسبريس » و الرسام عبد المجيد عياد المعروف برسومه التي تزين اغلفة المؤلفات الادبية ..و الفرقة الموسيقية لشباب جمعية معابر الثقافية المغاربية المتوسطية تجمع بين المسرح والغناء والموسيقى ..وقام كل واحد من ضيوف المجلس بدور معين في نطاق تقديم الكتاب الجديد في البداية سالم اللبان يتولى بسرعة البرق عرض بعض ما يجب ان ينير الدرب للحاضرين من تراجم حياة الحاضرين …
و الكاتبة تتولى الترحيب بضيوف المجلس الملتئم حول كتابها ..والناقدة تغوص في النصوص وتستخرج كنوزه..وتعرف بمفاصله..ومن حين لآخر تتوقف عند ما يمكن ان تستشهد به من الكتاب فتتولى فنانات من فرقة معابر تجسيم الاستشهادات الادبية بقراءات تعبيرية وفي بعض الاحيان في شكل مسرحي اذا ما كانت المقاطع المنصوص عليها تتضمن حوارات ..
كما ان الفرقة قدمت لنا وقفات غنائية جميلة بل رائعة فيها بحث موسيقي مرتبط بمفاصل القصص المحتفى بها اي ان الفرقة لم تغني إلا ما هو في علاقة قوية بالنصوص في« قهوة اكسبريس » وقاد سالم اللبان المجموعة الفنية مع عزفه المنفرد على العود ومشاركته بالغناء…
يا الله كم ان الصديق سالم اللبان متنوعا ومتعددا الى درجة تشد الانتباه وتلفت العيون فهو من خريجي معهد الصحافة ..ومارس الاعلام..وهو كاتب قصة ومسرح ورواية شاعر ..وهو مخرج مسرحي ..وممثل ..وهو عازف على العود وربما هو يتقن غير العود ..كما انه ملحن ..وصاحب صوت جميل في اداء الاغاني المغايرة على طريقة الشيخ امام في مصر والزين الصافي والسيدة لحمروني في تونس ..
وساهم في اطلاق بعض الاغنيات في زمن البدائل الفنية والموسيقية مع مجموعات موسيقية اخرى نعتبرها ملتزمة او مغايرة للسائد ..وخارجة عن المألوف…وثائرة وجادة ..او هي عند السلطة الحاكمة قبل الثورة معارضة ومارقة …
اذن كل هذه العناصر الفاعلة شاركت في اعلاء الكلمة الادبية وإعطائها القيمة التي تستحقها وصنعت اجواء جميلة وفرت لحظات ممتعة مع القص والنقد ..والكلمة الفنية.
واعتقد ان هذه الطريقة قادرة على ان تجعل الشباب يحبون الادب ..ويتفاعلون معه. فيقبلون على اقتناء الكتاب و يعشقون الادب و يلاحقون الثقافة فلا يهربون منها لأنها ثقيلة على الصدر والذهن والقلب كما يقول الكثير من الشباب في هذا الزمن الفايسبوكي .عصر الثورة الاتصالية الني تتطور كل ساعة وكل حين….
من المؤكد ان الجمهور الحاضر عاش لحظات جميلة مع بعض قصص قهوة اكسبريس …لحفيظة التي عودتنا منذ السبعينيات على كتاباتها القصصية لما اصدرت مجموعتها الاولى «الطفلة انتحرت» وفي هذه القصص الجديدة وقفات لا بد منها من ايام ومشاهد و احداث ما بعد الثورة ..وقفات ضد اعداء الحياة الذين لا يمكن مواجهتهم إلا بالكلمة الادبية الفاعلة والمناضلة والمتعلقة بالحياة والنور والتقدم والحرية والديمقراطية ..والحب طبعا.
هل كنت قادرا هنا على اعطاء فكرة متكاملة عن هذه الجلسة المتميزة الممتعة ..؟! لا ادري والمهم عندي هو انها خفيفة على الروح يمكنها ابلاغ الكلمة الادبية .والتفاعل معها اكثر … …
وعلى المستوى الشخصي ققد كنت سعيدا جدا اذ التقيت بالأصدقاء المبدعين كل في مجاله مثل الكاتبة الروائية حفيظة قارة بيبان … و الكاتبة الروائية مسعودة ابوبكر وزوجها عبد العزيز العزيز و الناقدة والساردة سعدية بن سالم… والمحامية و الروائية كاهنة عباس والمتعدد سالم اللبان والصحفي المبدع منذر شريط والاعلامية المتميزة سنية الفتوحي والفنان التشكيلي عبد المجيد عياد…و الشاعرة وهيبة قوية ..لقد امتلأت بهم لاني لي معهم ذكريات ..ونشاطات ..وعمل …وود كبير وصداقة عميقة.