26 جانفي 1978 : الخميس الأسود الذي لم يبح بعد بكامل أسراره

Photo

عندما تحلّ ذكرى مجزرة الخميس الأسود **26 جانفي 1978 **التي اقترفها النظام في حق الشعب بلا تردد ولا رحمة ينتابني الألم الكبير والحزن المدمر لا فقط لأني كنت شاهدا على بعض ما جرى في هذا اليوم الأحمر فأنا صحفي ومقر عملي في قلب العاصمة بجريدة الصباح والأحداث انطلقت من شارع بورقيبة بالعاصمة لتعم كامل الجمهورية حيث كنا العاملون في الجريدة نتابع لحظة بلحظة ما يحدث في المدن والبلدات والقرى من خلال الاتصالات الدقائقية التي يجريها زملاؤنا بالمراسلين الصحفيين وقد جندني رئيس التحرير الأستاذ عبد اللطيف الفراتي يومها لمعاضدة المحررين المختصين رغم أني وقتها لم أكن مختصا في الشؤون السياسية..وكيف لا أتجند للقيام بالواجب الاعلامي والوطني في مثل هذا اليوم الذي وصفه الاعلاميون والملاحظون والمحللون والمؤرخون من كل أنحاء العالم باليوم الأسود أو اليوم الدموي أو بالمجزرة واليوم الأحمر..

قلت أحزن عند حلول ذكرى الخميس الأسود لا لأني فقط شاهد عيان كصحفي ودارس تاريخ بكلية الآداب على أحداث دامية مزقت القلوب وأرعبت الشعب التونسي الباسل بل لأني لم أتمكن من معرفة الحقيقة كاملة الى يوم الناس هذا .

والأغرب أن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يعرف الحقيقة الكاملة هو أيضا وهو الطرف الأساسي في هذا اليوم كفاعل باعتباره يشكل القوة التي واجهت النظام بكل جسارة كما أنه كان الطرف الذي دفع الثمن غاليا .

ففي السنة الماضية 2015 وبمناسبة مرور هذه الذكرى أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا أكد فيه أنه لم يتوصل بعد 36 سنة على الأحداث الدامية الى الاحاطة بكامل المعلومات التي جرت قبيل يوم 26 جانفي 1978 وأثناءه وبعده حيث تواصلت الأحداث طيلة أشهر باعتبار أن حظر التجول وحالة الطوارئ تواصلا أكثر من شهرين وباعتبار التحقيقات الأمنية والمحاكمات والملاحقات دامت ما لا يقل عن السنة ....

والغريب أن الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان 26 جانفي 2015 يدعو الحكومة الى تسليمه الوثائق التي سطا عليه النظام يوم الأحداث الدامية من مقر الاتحاد بنهج محمد علي وبالتحديد في المساء مع بداية الايقافات التي شملت النقابيين أكثر من غيرهم وانطلقت الايقافات طبعا من الشوارع والانهج في كامل تراب البلاد ومن مقرات الاتحاد وخاصة المقر المركزي بالعاصمة والمقرات الجهوية حيث تم القاء القبض على أكثر من 5ألاف مواطن وتم الاحتفاظ بألفين منهم لعدة أيام ومر منهم أكثر من ألف مواطن من كامل البلاد الى المحاكم التي اشتغلت في ظروف صعبة للغاية لكثرة المتهمين وفي مقدمتهم الزعيم النقابي الراحل الحبيب عاشور الذي نال 10 سنوات سجنا مع العلم أن النظام ألقى القبض على كامل أعضاء الهيئة الادارية للاتحاد.

هل يعقل أن الاتحاد العام التونسي للشغل لم يجمع أرشيف أحداث 26 جانفي رغم مرور 39 سنة ورغم عمر الثورة التونسية التي تجاوزت سنواتها الست ..ورغم أن الكثير من الذين كانوا أطرافا أساسيين فيها مازالوا أحياء مثل الطيب البكوش الذي كان الأمين العام المساعد للاتحاد يومها ثم بعد محاكمته خرج من السجن ليصبح الأمين العام للاتحاد ولم يقدم معطيات اخرى لا يعرفها أغلب المتابعين والملاحظين عن اليوم الأسود الدموي…

فلا تستغربوا ان تغيب الحقيقة لان الذي نفذ عمليات القتل هو زين العابدين بن علي الذي اصبح رئيس البلاد وبالتالي سكت الجميع ..والى اليوم هم ساكتون لان مصلحتهم ان يسكتوا حتى لا يظهر نظام بورقيبة بالنظام الذي اجرم في حق الناس وهم ابرياء ولا ذنب لهم سوى انهم خرجوا للشوارع للمطالبة باحترام استقلالية قرار الاتحاد العام التونسي للشغل .....وان الاعلام لا يريد قول الحقيقة ..او التصريح بنصفها ما يعرف كما يقال......لان الاعلام مجند الان لتنظيف تاريخ التحزب الحاكم لما كان الحزب الدستوري او التجمع الدستوري.

وللعلم ان بداية التسعينات اختار زين العابدين بن علي صاحب اكبر الجرائم التي شهدتها تونس في السنوات الأربعين الأخيرة عين الطيب البكوش ليكون رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان دون أن يحقق أي شيء لحقوق الانسان لا في تونس ولا في البلاد العربية ....وتم تعيينه يوم 14 جانفي 2011 وزيرا للتربية فلم يفد التربية في بداية الثورة بشيء ثوري مهم رغم أن كل العالم كان ينتظر الكثير من ثورة شعب عظيم وصفها بعض كبار الملاحظين بكونها تشبه الثورة الفرنسية وفي حكومة الحبيب الصيد أصبح الطيب البكوش وزيرا للخارجية فسجل العديد من الأخطاء الديبلوماسية التي تعتبر اخفاقات سياسية لحكومة منبثقة عن ثورة وانتخابات الى حد الآن لا نعرف رسميا أن الشوائب قد داخلتها....

ولذا لا عجب ان يخفي الطيب البكوش حقيقة ما يعرف ..فما حدث ليس بالأمر الهين...وكان لا بد ان يقول ما يعرف وهو يعرف الكثير ...وطبعا لم يكن وحده العارف لما جرى..انما المصالح والخوف والمحاسبات كلها عناصر كانت قادرة على لجم افواههم وغلق عيونهم....

لا عجب أن يخفي النظام التونسي في عهد بورقيبة حقيقة اليوم الدموي وما جرى فيه بين الأطراف كلها وخاصة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل وبين بورقيبة والحبيب عاشور فالصراع أيضا كان شخصيا فلا ننسى أن بورقيبة اتهم الحبيب عاشور بكونه يريد أن يزيح بورقيبة ويعتلي هو عرش السلطة كما الحبيب عاشور تحدى التهمة قائلا في بورصة الشغل...يتهموننا بالتعلق بالسلطة وافتكاكها..فهل هذه جريمة فلم تولد السلطة مع بورقيبة وليس هو الوحيد الذي يستحق ان يكون صاحب السلطة..وهذا الكلام جعل بورقيبة يعد العدة لمواجهة حقيقية مهما كان الثمن…

وقد عمل النظام كله على عدم الافصاح عن الاحداث كما جرت حفاظا على صورة بورقيبة في الأذهان حتى لا يعرف الناس أن بورقيبة هو الذي أمر بإطلاق النار على المتظاهرين الذين أصبحوا يهددون النظام ..ولا عجب أن يخفي الرئيس بن علي حقيقة ما جرى وما كان يعرف شخصيا هو يعرف الكثير باعتباره كان منفذ أمر بورقيبة بصفته مديرا للأمن وقد جيء به الى هذا المنصب قبيل الأحداث الدامية ب27 يوما بالتحديد من حدوث ما حدث من كوارث ودم.... ولذا تكتم على كل شيء وأسكت العارفين بما جرى بالمناصب والرشاوى والتهديد أيضا بل أيضا مارس عليهم الضغوطات التي بلغت الابعاد من مناصبهم حتى لا يقول أحد بأن بن علي كان مجرما وهو الذي تزعم انقلابا على بورقيبة جعله ""ثورة هادئة "" ليكون رئيس البلاد من أجل ارساء الديمقراطية واحترام حقوق الانسان.......هكذا.....

لكن يجب أن نستغرب كثيرا من منظومة الثورة ما بعد 14جانفي كيف أنها لم تتوصل الى حقيقة ما حدث من جرائم ومجازر يوم 26 جانفي 1978 واني أصبحت أحمل يقينا أن في منظومة الثورة شخصيات ساهمت في طمس الحقيقة لأنها كانت طرفا بشكل من الأشكال فالنظام الذي تواصل بعد الثورة في أسلوب الحكم لا يرضيه الكشف عما جرى بحق والاتحاد العام التونسي للشغل لم يشتغل بموضوعية ليصل الى الحقيقة لأن بعض الأطراف في هذه المنظمة العتيدة كانت لها مصالح علنية وسرية مع النظام ورأيناهم كيف كانوا يتعاملون مع الرئيس بن علي وكيف استفادوا منه والوثائق الرسمية الأمنية منها والإعلامية والعدلية توثق كل ذلك ...كما أن المعارضة التقليدية لنظام بورقيبة وبن علي تلاعبت هي الأخرى بالأحداث حسب مصلحتها أين تراها.

فالاتجاه الاسلامي الذي أصبح حزب النهضة فيما بعد لم يبحث في اليوم الأسود بالصدقية التاريخية الكاملة لأنه كان بشكل أو بآخر معارضا للاتحاد العام التونسية للشغل والأطراف اليسارية التي كانت وراء الأحداث التي أدت الى القتل في يوم كان مشؤوما على الشعب فهي لا تريد أن تظهر بمظهر الطرف الذي كان غائبا في يوم كان فيه الشعب عظيما وضحية أيضا .

ثم ان اليسار لم يكن يعرف كل شيء لضعفه في البلاد باعتبار الملاحقات التي شتتته وباعتبار التفاهمات السرية التي جرت مع الكثير من عناصره الفاعلة مع نظام بورقيبة ومع بن علي بنفسه الذي كان يستقبلهم سرا وعلنا للاستفادة من صمتهم وقد عين الكثير منهم في مناصب بلغت حد التعيينات العليا في الحكومة أي أن بعضهم أصبحوا وزراء ...طبعا ليس فقط من أجل اسكاتهم عما جرى يوم الخميس الأسود وفي المحاكمات فيما بعد ولا في التحقيقات في دهاليز وزارة الداخلية في كامل البلاد بل لأسباب أخرى قد تكون أكثر خطورة بالنسبة للنظام.

على كل بقي يوم 26 جانفي 1978 ضحية الجميع دون حقيقة وبلا وثائق متكاملة رغم أن مؤسسة التميمي للبحث العلمي والتاريخي التي استضافت عدة أطراف شريكة في الأحداث كالسيد محمد الصياح المتهم بإنزال المليشيات الحزبية يومها لإحداث الشغب وإجبار بورقيبة على اتخاذ القرار الصعب والأسود وهو اطلاق النار على المتظاهرين الذين يهددون الحزب في قوته ونفوذه ومثل الطيب البكوش الذي لم يقل الى حد الآن كل الحقيقة لأنه كان قريبا من بن علي دون أن يتورط علنا وقد استفاد كثيرا من نظام بن علي وقد دعي الى احتلال منصب وزير يوم 13 جانفي 2011 وبن علي مازال في القصر وكلف محمد الغنوشي بتكوين حكومة جديدة تضم معارض.............

وما يجب ذكره أن التقارير حول نتائج الأحداث غير معروفة كلها... فالنظام مع بورقيبة وفي فترة الهادي نويرة الوزير الأول أكد أن عدد القتلى لم بتجاوز الخمسين قتيلا مع 500 جريح وذلك حسب جريدة الحزب الحاكم وهي جريدة العمل ليوم 27 جانفي أي من الغد في حين جريدة الصباح التي كنت أشتغل فيها بلغتها معلومات أن القتلى بالمئات ولم يسمح لها في حظر التجول إلا بنشر خبر يتضمن تسجيل 78 شهيدا ولا أعرف كيف تم تحديد هذا العدد هل هو بشيء من التفاهم السري أم ماذا ...بحق أنا لا أعرف …
وحسب جريدة لوموند الفرنسية فان القتلى تجاوز الألف قتيل وقد قامت جريدة لوموند بنشر تحقيق مصور عن الأحداث الدامية مباشرة من شارع بورقيبة ومن المعلومات التي حصلت عليها من بعض أصدقائها من النقابيين والسياسيين من داخل الجمهورية ....

وقد ذكر السيد أحمد المستيري الذي كان وزيرا في حكومة بورقيبة قبل سنة 1978و الذي كان يتحرك سياسيا لافتكاك **بعض الحرية ** من النظام الذي استقال منه رسميا بسبب تسلطه وانتهاجه الديكتاتورية وقد أسس مع جمع من الحقوقيين والسياسيين من أطراف مختلفة في الرؤية والايديولوجيا المجلس الوطني للحريات وحقوق الانسان قال بأن عدد الشهداء تجاوز الاربعمائة قتيل يومها ..ثم اثر تعيين الأستاذ محمد مزالي وزير أول عام 1980 تم اجراء تحقيق آخر في الأحداث واللجنة التي تم تكوينها كلها متركبة من اعضاء جلهم من رجال السلطة والحزب الحاكم واعترف النظام عن طريق تحقيق هذا اللجنة بموت حوالي 170 مواطنا......وهو رقم بعيد جدا عن الحقيقة والواقع حسب عديد الشهادات
أما المؤرخون فإنهم في الأغلب من أنصار بورقيبة أو من الذين لا يختلفون معه في الرؤية للحكم والمجتمع على أساس الحداثة والفكر التقدمي .

أعرفهم واحدا واحدا بعضهم درست على أيديهم وجلهم مازالوا على قيد الحياة وبعضهم درسوا معي في شعبة التاريخ ففي حين أنا غادرت قبل الحصول على الأستاذية التي لاحقتها في معهد الصحافة وعلوم الأخبار واصلوا هم الدراسة في التاريخ الى أن حصلوا على شهائد الدكتوراه واطروحاتهم في الأغلب هي في مواضيع ذات العلاقة بنظام بورقيبة أو بالحركة الوطنية لإبراز دور بورقيبة وعظمة بورقيبة بعيدا عن الموضوعية بعضهم حصل على منصب مدير المعهد الأعلى للحركة الوطنية والبعض الآخر يناضل من خلال الأثير أو من خلال التلفزة الى الآن لإبراز الدور العظيم لبورقيبة في الأحداث وتبرئته من كل ما حدث من مجازر أو من كوارث وهم يعملون الى الآن الى تكذيب المناضلين اليوسفيين والمعارضين والمحللين لأحداث 26 جانفي.. وثم أحداث 3 جانفي 1984 وما حدث قبيل 7 نوفمبر الذي أطاح بالرئيس بورقيبة وجاء بالضابط العسكري ورجل الأمن زين العابدين بن علي الذي ازدادت معه الأحداث الدامية غموضا بسبب وجوده فيها كفاعل أساسي .

هؤلاء المؤرخين لم يبذلوا الجهد الكبير في البحث عن حقيقة باستثناء الاستاذ عبد الجليل التميمي الذي فتح مركزه للبحث العلمي للاستماع الى شهادات عديدة لما جرى يومها..........

والغريب أن أحد المؤرخين أكتفى بالحديث عن يوم الخميس الأسود من خلال ما كتبته جريدة العمل الناطقة باسم الحزب الحاكم وهو الحزب الاشتراكي الدستوري الذي كان الناشطون فيه يحرصون على أن يبقى الأقوى ولو بالبطش للمحافظة على مصالحهم ومناصبهم وكان بعض المؤرخين يعملون في مكتب السيد محمد الصياح بصفته مديرا لهذا الحزب أو بصفته وزيرا ....فكيف تريدهم يتحدثون عن محمد الصياح في مؤلفاتهم ومحمد الصياح طرف وشريك أساسي في ما حدث بل هو متهم بدفع بورقيبة الى اعطاء الاذن بالقتل يومها .

تبقى الشهادات من الأطراف التي عاشت الأحداث وتابعتها مثلي تماما وأنا لم أكن مناضلا وكنت في الشارع كصحفي لما تم اطلاق أول طلقة نارية أصابت رصاصتها مواطنا بريئا كان ماسح الأحذية يتخذ من أمام عمارة صغيرة في 3نهج روما مقرا له وكان عاكفا على تنظيف حذاء عندما لعلع الرصاص و كان بالتالي أول ضحية ولا أعرف طبعا هل كان الطلق الناري قبل ذلك أم لا في شوارع أخرى ..ثم ان شارع بورقيبة يومها لم يكن أحمر ولم يسجل فيه عدد كبير من القتلى فالقتلى بالعشرات كانوا في باب الخضراء و باب سويقة وحي التضامن والسيجومي …

وفي داخل الجمهورية تواصل الطلق الناري الى الساعة السادسة مساء وهو موعد حظر التجول وفق الأمر الرئاسي بداية من الساعة السادسة مساء الى غاية الخامسة صباحا ...وقد كان القتلى بالعشرات من نصيب صفاقس والمهدية وقفصه وقابس والمتلوي وتوزر ونفطة.

هذا ما بلغني من معلومات ولم أبذل أنا نفسي مجهودا أكبر للتعرف على المزيد فليست من مهمتي فأنا محب للتاريخ فقط ولم أكن مؤرخا ثم اني كنت صحفيا ولست مناضلا سياسيا وليس في قدرتي أن أعرف أكثر خاصة وأن مشاغلي في الصحافة الثقافية وفي الحركة الأدبية والثقافية كانت كبيرة منعتني من أن أتابع المسألة عن كثب إلا أن مهجتي كانت متوهجة من أجل التعرف على المعلومات التي كانت شحيحة كما ذكرت .

وهنا أشير الى أن الأستاذ البشير التركي وقد كان ضابط مخابرات وكان لا يطيق التعامل مع بن علي منذ أن كان مديرا للأمن الوطني الى أن أصبح رئيسا للدولة اثر الانقلاب الذي قام به وأزاح به بورقيبة الذي كان شيخا منتهيا في واقع الأمر ولم يعد في امكانه الحكم بالوضوح الذي كان له قبل سنوات من الانقلاب هذا الضابط الذي كان مغرما بالثقافة أيضا وأسس دار نشر تحمل اسمه في باردو قال في كتاب له نشره بعنوان **بن علي الفاسق ** حسب ترجمتي الخاصة لكلمة le ripoux بأن عدد الشهداء قد بلغ الألف وهو يلتقي بذلك مع جريدة لوموند وأكد أن سبب تزايد عدد القتلى الى أن الرئيس بن علي تعامل مع المظاهرات بشراسة كبيرة لأنه كان يرغب في جلب انتباه كامل رجال السلطة لا فقط بورقيبة كمنقذ للنظام الذي بدا ضعيفا ومهددا بالسقوط تحت الضربات الموجعة للاتحاد العام التونسي للشغل الذي سانده جل المواطنين ولا فقط النقابيون الذين هم طبعا مواطنون ناشطون من الدرجة الأولى في تلك الأيام التي كانت سوداء من ناحية النتائج الدموية إلا أنها كانت أيضا أياما نضالية شامخة أكدت أن التونسيين لا يستكينون للظلم طويلا وان انتفضوا فإنهم يفعلون ما يحرك التاريخ نحو التقدم وهذا ما حدث بالفعل فرغم تصلب النظام فان الحريات بدأت تترسخ وبعض الصحف بدأت تظهر الرأي الحر أو تكون أكثر تحررا مثل الرأي وكونتاكت والشعب والصباح.

أما الباحث السيد محسن التومي فانه ذكر في كتابه **تونس بورقيبة وبن علي** يقدم رقم مائتي قتيل ولا أعرف مصادره وكتابه أصدره بعد كتاب البشير التركي ذي العلاقة القوية بالمخابرات التونسية وأعتقد أن التركي هو الأقرب في تقديم عدد الشهداء لأنه من المخابرات ..أقول ذلك رغم أني أعرف كرهه لبن علي ومن الممكن الحديث عن عدد يناقش إلا انه لا يمكن أن يكون بعيدا عن الحقيقة .....

وغدا حلقة ثانية........


Suite (2ème Partie)




Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات