بمناسبة مرور 33 سنة على انتفاضة الخبز

Photo

الى كل من كذب على الشعب

اليوم الثالث من جانفي تمرّ بنا الذكرى الثالثة بعد الثلاثين على قتل مئات المتظاهرين الذين خرجوا في كامل الجمهورية وخاصة في شوارع المدن احتجاجا على الترفيع في ثمن الخبز …

لقد قرر الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله قبل اسبوع من هذا التاريخ الترفيع في ثمن الخبز تحت تأثير بعض المتأمرين من حوله من الذين يبحثون عن اي درب يسلكونه لاسقاط محمد مزالي الوزير الاول انذاك بقيادة جماعة في القصر ينفذون رغبة فرنسا في ابعاد محمد مزالي لانه يقدم نفسه على اساس انه عروبي ويحترم الاسلام..ويعتبر الديمقراطية امرا ضروريا للشعب.

فقد عمل محمد مزالي منذ الاشهر الاولى في وزارته الاولى على رفع الحضر على الحزب الشيوعي..وساعد الاسلاميين على العمل دون ترخيص رسمي فأصدروا المجلات والجرائد قبل ان يتجاوزوا بعض الحدود ويعود القادة والناشطون الى السجن..مع المحاكمات التي كان بورقيبة حريصا عليها لأنه كان يعلم ان مظاهرات في الشوارع يقوم بها الاسلاميون ويهتفون ضده » بورقيبة عدو الله« كما في عهده نشطت الاحزاب المعارضة قبل ان يضرب بورقيبة ضربته القوية تحت تأثير ادريس قيقة وزير الداخلية اثناء المظاهرات بسبب الترفيع في الخبز والتي وصلت الى اقصاها من الحراك ورد الفعل والدم.

دون ان ننسى تأثير زين العابدين بن علي فيما بعد بالتعاون مع سعيدة ساسي ابنة اخت بورقيبة والتي استقرت بالقصر الرئاسي اثر طرد وسيلة بن عمار بورقيبة وتطليقها من بورقيبة الذي لم يكن راضيا على الطلاق انما استغل المحيطون به ضعفه وضياعه الفكري من حين لاخر فوافق على الطلاق من زوجته ورفيقته لسنوات طويلة وكانت المرجّحة للكفّة عندما تتازّم الصراعات السياسية في البلاد .....

لقد تمكن «الجماعة » من اقناعه بأن الخبز يلقى به في المزابل والناس لا يعطونه القيمة التي يستحقها لأن ثمنه منخفض جدا وهم يعرفون اذا ما تم الترفيع في ثمن الخبز يخرج الناس غاضبون على بورقيبة ..فيغضب الرئيس من مزالي وينحيه من الوزارة الاولى .

وقد ذكر بورقيبة بالاسم في خطاب له في هذا الموضوع السيد زكرياء بن مصطفى الذي كان آنذاك رئيسا لبلدية العاصمة وتحت تأثير مباشر من وزير الداخلية السيد ادريس قيقة ....قائلا ...لقد دعوت شيخ لمدينة المكلف بالزبلة ..هكذا قال بورقيبة وهي طريقته في تحقير الشخصيات التي يرى أنها يجب أن تبتعد عن الحكم والسلطة وتذكروا ما قاله عن السيد الباهي الأدغم وما قاله عن فؤاد المبزع وعن أحمد بن صالح والباجي قائد السبسي. ..كلهم وصفهم بأقذر الأوصاف حتى يحملهم كامل المسؤولية في ما يحدث من آلام لشعب التونسي جراء قرارات تصدر باسم رئيس الجمهورية.

سأل بورقيبة السيد زكرياء بن مصطفى : هل صحيح أن الناس يلوّحوا في الخبز ..

ولا نعرف ماذا قال السيد زكرياء بن مصطفى. المهم أن بورقيبة هو الذي قال للشعب : سي زكرياء متاع الزبلة أعلمني أن زبلة المواطنين فيها الكثير من الخبز ولذا قررت الترفيع في ثمنه …

يومها حاول السيد محمد مزالي الوزير الأول أن يمنع صدور قرار رئاسي للترفيع في ثمن الخبز.... وهي نصيحة اعدائه لتوريطه..من ذلك ان وزير المالية ..ووزير الاقتصاد يؤكدان صباح مساء ان الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد لن تستقيم ان لم يتم الترفيع في ثمن الخبز…

وساعدهم وزير الداخلية على اقناع بورقيبة بذلك ..ولا اعتقد ان الوزيرين المختصين في المال والاقتصاد كانا مخطئين ..انما كان من الضروري ايجاد حل اخر غيرالترفيع في ثمن الخبز

ونبه السيد محمد مزالي بورقيبة الى المخاطر التي قد تنجر عن هذا القرار إلا أن بورقيبة أصر على موقفه.لأنه اقتنع فعلا بضرورة الترفيع في الثمن بما ان الخبز يتم الالقاء به في المزابل ان الناس يشترون منه اكثر من حاجياتهم لرخص ثمنه..

وتم الترفيع في ثمن الخبز مما جعله باهظا لا بقدر عليه صاحب العايلة

...فخرج الشعب يوم 3 جانفي 1984في غضب عارم في كامل الجمهورية ..وكالعادة اندسّ جماعة اليقظة وميليشيا محمد الصياح التابعين للحزب الحأكم وهو الحزب الدستوري وسط الجماهير الهادرة وبدؤوا يحدثون الهرج والهيجان ويكسرون ويحرقون كل ما يعترضهم في الطريق. كما ان ادريس قيقة لم يكن بريئا تماما من تسخين الاجواء في الشوارع وفق ما قالته جريدة الرأي التي دمرت ايضا ان سفارة فرنسا كانت تنشط عناصرها في الشوارع.وأضافت انها وزعت اموالا.

وعلم بورقيبة بالانفلات الحاصل في البلاد فأمر بإطلاق النار وأخرج الجيش من ثكناته آمرا اياه بفرض النظام بالقوة .... وبالفعل استشهد أكثر من 245 مواطن يومها وقد اعترفت السلطات ب76 قتيل فقط...لكن بعض الوثائق ومنها المنشور تؤكد ان القتلى تجاوزوا المائتين.

وفي المساء خرج بورقيبة وقال للشعب كعادته غلطوني ولذا نرجع وين كنا ...نعم هذا ما فعله بورقيبة بكل بساطة .،،نرجعو وين كنا ،،.

وقد شوهد ادريس قيقة يرفع اصبعي الانتصار .v.حسب بعض الصحف الصادرة بعد يوم من الانتفاضة ..وهذا دليل انه كان ينتظر هذا النصر…

وعاد الناس الى بيوتهم حزانى على ما حدث وعلى الدماء التي سالت وعلى مئات الشهداء الأبرياء.....ولكن هذا النصر لم يتواصل طويلا وقطع بورقيبة عنهم شهوة الحكم ..وازاح ادريس قيقة ..وعين محمد مزالي مؤقتا وزيرا للداخلية الى جانب مهامه كوزير اول....وعادت الأمور الى الهدوء لكن بأي ثمن فالقلوب محترقة والمؤامرات من المؤكد ستزداد بتغيير الاستراتيجيات لإسقاط محمد مزالي لأنهم كانوا رافضين لبقائه الذي يؤدي به حتما الى رئاسة الدولة وخليفة بورقيبة ..وهو امر لا يقبلون به فجل الشخصيات البارزة دخلة في صراع ومنافسة لوراثة بورقيبة ...وطبعا يكون الشعب هو الضحية ..والإعلام لا يقول شيئا إلا ما يمكن ان نجده من اعلام مغاير في جريدة الراي او جريدة الديمقراطية بالفرنسية .

كل الذين استشهدوا لا ذنب لهم سوى المطالبة بحقهم في ثمن معقول للخبز يقدرون عليه ..كما ان هناك مئات العائلات كانت قلوبها تحترق لا فقط على العدد المرتفع للشهداء بل ايضا على مئات الموقوفين الذين امتلأت بهم محلات الشرطة ومراكز الايقاف ....

في تلك الأثناء خرج آلاف الدساترة وتعانقوا مع رجال الأمن والجيش وقالت الاذاعات والتلفزة (كانت هناك تلفزة واحدة و هي تلفزة النظام .طبعا(قالت بأن الشعب التحم بالجيش والأمن اثر الخطاب التاريخي العظيم لبورقيبة حيث اعاد الأمور الى نصابها بعد الخطأ الذي قام به البعض في تهييج الشعب بسبب الترفيع في ثمن الخبز وقد أعاد بورقيبة الأمور الى نصابها وستتم معاقبة المتسببين في الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد ........

وقد تحدثت جريدة الرأي عن هذا الحادث المؤلم وأكدت ما قام به ادريس قيقة في تحقيق مطول عن ...المهم ان بورقيبة حمل قيقة المسؤولية وأطرده من الحكومة و عمل على تقوية جانب الوزير الأول محمد المزالي باعتبار أنه كان يعرف أنه بريء من دم المواطنين وخاصة وانه كان نصحه بعدم الموافقة على الترفيع في ثمن الخبز.

لكن المسؤولية ،مهما كانت الأوضاع يتحملها بورقيبة..ولو كان كبير السن ولا يقوى على اتخاذ القرار كان عليه ان يختفي او ان يجتمع البرلمان للنظر في امر الدولة التي كان واضحا جدا انها تتفتت وهي ايلة للسقوط بين ايدي مغامر او مغامرين ..كان من الضروري ان يفعلوا اي شيء لإبعاده في هدوء عن الحكم ومن الضروري تسليم الحكم لمن ينص عليه الدستور ..لكنهم جميعا يريدونه ان يبقى لتفسد حياة الناس فيسقط النظام في يد القوى او الاكثر قدرة على التدمير ليمسك بلادا هزيلة وشعبا خائفا ..

وللأسف هذا ما حدث في نوفمبر 1987لما قام بن علي بعملية انقلابية وابعد بورقيبة فرحّب به الشعب لان الناس كانوا خائفين على حياتهم وعلى ابنائهم وعلى ارزاقهم اعتبارا للأوضاع التي وصلت اليها البلاد ..وقد تم الترحيب بزين العابدين بن علي رغم انهم يعرفون جيدا من هو ..والكثير من السياسيين في الحزب الحاكم وفي المعارضة كانوا يعرفون انه منفذ عمليات القتل يوم 26جانفي وهو اليوم الاسود في تاريخ تونس الحديث ..

كان يوما مشئوما سالت فيه دماء التونسيين ..واستشهد المئات من المواطنين ولا ذنب لهم سواء انهم خرجوا لمساندة الحبيب عاشور في دعوته الى استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل وتحقيق بعض الحريات...فكان ما كان بقيادة زين العابدين بن علي الذي لم يكن وزيرا انذاك بل مديرا للأمن ..لكنه عرف كيف يتقرب من الرئيس ليكسب ثقته ويأمره في ذلك اليوم الدموي بان ينقذ النظام مهما كان الثمن فكان الثمن موت مئات المواطنين في الشوارع بلا ذنب......

وللأسف أن المؤرخين.. و90 بالمائة منهم بورقيبيون قالوا بأن أحداث 3 جانفي مفبركة وهي نتيجة لصراع القصر من أجل خلافة بورقيبة وان بورقيبة أبدا لم يعط اي امر بالقتل ..وبعضهم من اهل اليسار قالوا ..لا حل.لاستقرار الامن الا باستعمال القوة فالكثير يريدون سقوط الحكم في ايديهم ولا في ايدي قيادات مجهولة قد تبعدهم نهائيا عن الحكم بل قد تحاكمهم ايضا لما اقترفوه من اعمال فساد واستبداد ..

وقال أخر... لا حل لبورقيبة في ذلك اليوم غير اطلاق النار ليستتب النظام..فللنظام احكامه ..

وهم يقولون بذلك اثر الثورة بعد ان عادوا الى فكر بورقيبة التحاما بالنداء.خوفا من الترويكا وخاصة النهضة والمنصف المرزوقي...ولم يدافع احد عن بورقيبة اثر الانقلاب عليه …

وقد عمل المؤرخون دوما و طيلة أكثر من ثلاثين سنة على تبرئة بورقيبة من دم الأبرياء الذين ماتوا برصاص الجيش ورجال الأمن ......وهو نفس الشيئ الذي فعلوه عندما كتبوا عن الخميس الأسود في 26 جانفي 1978 حيث استشهد المئات وحسب جريدة لوموند تجاوز عدد الشهداء الالف شهيد(1000(

والسؤال هو لماذا أقوم باستدعاء جريدة لوموند والاستشهاد بها ...ببساطة لأنه لا يوجد مصدر غيرها فالصحافة التونسية كانت بيد السلطة وحتى جريدة الصباح المستقلة التي كنت آنذاك اعمل فيها محررا لم يكن في امكانها أن تقول أي شيء آخر غير الذي يصلها من القصر أو من وزير الاعلام.

طبعا هذا لا يبرر صمتها....لكن لا حل لها غير ان تلتزم بالأخبار الرسمية مع بعض الاجتهادات التي لا انكرها شخصيا من الزميل الكبير عبد االطيف الفراتي....

وبالمناسبة أذكر ايضا بان الصمت الذي دخل فيه السيد الطيب البكوش غير مبرر.(.. الذي مسك وزار ة التربية بعد الثورة ثم وزيرا للخارجية) وهو الذي كان آنذاك الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل وهو يعرف كامل تفاصيل الجريمة النكراء التي حدثت في تونس بأمر من بورقيبة لإنقاذ النظام من سطوة اتحاد الشغل وبتنفيذ من زين العابدين بن علي الذي كان آنذاك مديرا للأمن الوطني ....والسيد الطيب البكوش دخل السجن يومها مع مئات النقابيين وخرج ليصبح فيما بعد الأمين العام للاتحاد ولم يقل شيئا الى الآن ولا أريد أن أحلل الموضوع أكثر .

وللعلم ان تونس اثر احداث هذا اليوم الدموي الخميس الاسود شهدت احداثا اخرى دموية ليس للحكومة التونسية او بورقيبة اي يد فيها هذا صحيح إلا ان استغلال الحدث سياسيا لنشر القمع وغرس الخوف في قلوب الناس هو الذي يجب تسجيله.

فبعد اكثر من سنة ونصف حدث الهجوم على قفصة فنسي الناس الأحداث السوداء ليوم الخميس الأسود واهتموا بالهجوم الذي نفذه جمع من التونسيين القادمين من ليبيا بأمر من معمر القذافي الذي خطط لإسقاط السيد الهادي نويرة الوزير الأول آنذاك والذي كان وراء اسقاط دولة الوحدة ببن تونس وليبيا اسمها الجمهورية العربية الاسلامية عاصمتها القيروان..

كان القذافي اذن يهدف الى اسقاط نويرة الذي عارض قيام الوحدة بين تونس وليبيا وفق الاتفاقية المعهدة التي وقعها بورقيبة والقذافي في جربة يوم 12جانفي 1974 وفرض نظام يميل الى القذافية كان الهجوم على قفصة شرسا من قبل جماعة معارضة من الشباب التونسي اصبحوا قذافيين او مجرد مرتزقة سلحهم القذافي ومولهم بل ايضا انشا من احلهم اذاعة اطلق عليها اسم »هنا قفصة » والقى بها في اتّون حرب دارت فورا في قفصة حرب شرسة بين المهاجمين والجيش والحرس والأمن كانت نتائجها سيئة جدا على مدينة قفصة وابنائها وكانت نتيجة الهجوم على قفصة انهيار صحي للسيد الهادي نويرة الذي كان يقود العمليات في قفصة بنفسه وكان يعرف ان القذافي بهذا الهجوم بشباب تونسي يستهدفه هو لأنه تسبب في اسقاط حلمه بالوحدة بين تونس وليبيا ...كما ان الهادي نويرة كان يعرف مدى حلم القذافي فهو يريد ان يحكم دولة كبيرة اذا ما توحدت تونس مع ليبيا .

فالمهم اليوم أن أشير الى أن كل رجال الحزب الحاكم آنذاك والتجمع في ما بعد والنداء اليوم لا يريدون الاشارة الى هذه الأحداث حتى يقدموا للناس صورة وهمية عن بورقيبة وحتى يبرئوه من أي حادث سياسي أو نقابي أسود ...هو بريئ والمجرمون هم الذين يعلن عنهم بورقيبة عندئذ يتجند الاعلام والأمن والقضاء .

والغريب ان كتّاب التاريخ ولا اقول المؤرخين لأنهم لم يبحثوا ولم يتبيّنوا الحقائق انما يكتبون وفق رغبات بورقيبة و تعاليم محمد الصياح مؤرخ القصر للتأكيد على عظمة بورقيبة ونظافة سريرته وتحميل أخطاء النظام ومفاسده على كاهل كل الذين أراد بورقيبة ابعادهم مثل أحمد بن صالح والباهي الأدغم والهادي نويرة الذي لم يرحمه بورقيبة فقد سارع بتعويضه ما ان زاره في بيته ووجده مصابا بشلل في يديه بسبب الأزمة في قفصة التي احتلها لأيام جماعة القذافي .....

ثم كان نصيب محمد المزالي الذي تحمل الأذى الكبير عام 1986 بسبب مؤامرات كان يحوكها النظام ضد مزالي دون أن يكون زين العابدين بن علي بريئا من هذه المؤامرات التي اسقطت مزالي بالفعل ..وتم تعيين السيد رشيد صفر ..لكن زين العابدين بن علي واصل حركته السرية والعلنية الى ان سقط بورقيبة و سقوط جانب كبير من النظام في يديه يوم 7 نوفمبر 1987.

المهم الآن أن يعرف الناس أن ما يقال لهم عن بورقيبة يحمل الكثير من الخيال او الرؤى المدبرة وما يقال دوما عنه انما هو منظم سياسيا يكتبه ويخرجه جماعة بورقيبة من المستفيدين من النظام ومن الفاسدين والكثير منهم مازالوا في الحكم الآن أو هم يحكمون من وراء الستار .......

نعم بورقيبة كان له الكثير من الأعمال الجليلة في التعليم وفي الصحة وفي تحرير المرأة وحتى في هذه الميادين لم يكن المبادر بل ان الأرضية كانت خصبة لانطلاقة الدولة على أسس حديثة ومهمة فلا تنسوا المعاهد الكبرى المنتشرة في تونس مثل الصادقية والعلوية وخزندار ودار المعلمين بالمرسى ومعهد البنات بنهج الباشا ومعهد بنزرت ومعهد سوسة ومعهد صفاقس...دون ان ننسى المدارس الثانوية والاعدادية المنتشرة في كامل البلاد من قبل الاستقلال بعشرات السنين..دون ان نذكر كلية جامع الزيتونة الذين كانوا بالآلاف وفي مستويات راقية احيانا.

كما ان بورقيبة الذي طور الصحة يقال عنه دائما انه مؤسس ما تمتع به التونسيون في الصحة فقد كانت هناك مستشفيات كبرى مثل شارل نيكول والرابطة .والحبيب ثامر واريانة والصادقية الاتي اصبحت فيما بعد عزيزة عثمانة .ولا ننسى مستشفى الامراض العقلية بمنوبة دون الحديث عن بعض المستشفيات المهمة في صفاقس وفي سوسة وبنزرت بما فيها مستشفى محترم في منطقة المناجم وبالتحديد في المتلوي الذي لم يعد ذا اهمية منذ عشرات السنين ..

هذا لا يعني ان بورقيبة لم يقم بمجهود كبير في هذا المجال ...ابدا كانت له الايادي البيضاء لكن لا يجب المبالغة فنسند له كل مجهودات الوطن له وحده وكأنه النبي الذي نزل بعدد من المعجزات ....

لكن أيضا كانت له الكثير من الأعمال التي يجب أن يقراها التاريخ من جديد لأن كاتبي التاريخ البورقيبي في جلهم من المستفيدين منه وبعضهم كانوا في أعلى المناصب في الحزب والدولة والبعض الآخر كانوا في دواوين الوزراء أو رؤساء معاهد وجامعات.

ولذا فان تاريخنا البورقيبي في حاجة الى قراءات أخرى حتى لا يواصل النظام وهو متواصل الى الان وبعد ثورة دموية اطاحت برئيس الفاسدين لا يواصل في كذبه للسيطرة على العقول ....

ألم تروا أن معارك اليوم السياسية تتأسس على الخلاف حول من يستحق أن يكون خليفة بورقيبة في الفكر والسياسة ...وذلك لمزيد احكام السيطرة السياسية اعتمادا على تجربة بورقيبة ...ولا أحد قال يوما أن بورقيبة أمر ثلاث مرات بقتل المواطنين المطالبين بحقهم في الحياة الكريمة بشكل مغاير عن الحياة التي يقترحها نظام بورقيبة .......

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات