الاستقلال لا بد من الاحتفال به لكن ....

Photo

الاستقلال لا بد من الاحتفال به لكن …. لا بد من قراءة تاريخ بورقيبة من جديد …. نعم أنا من الذين يحتفلون بعيد الاستقلال …لان وثيقة الاستقلال التي وقّع عليها المرحوم بن عمار نقلت تونس من الاستعمار الى السيادة الوطنية….. مهما قيل عن نوعية هذه السيادة فان تونس انطلقت يوم 20 مارس 1956 من بلدا مستعمرة ومولى عليها الى مصاف الدولة المستقلة والتحقت بالدول المستقلة ذات السيادة مع الالتحاق بالامم المتحدة والتمتع بحضورها الكبير في جامعة الدول المتقدمة ..والالتحام شيئا فشيئا بالتقدم في المجالات الاجتماعية والصحية والتربوية …مع حصول المرأة على حقوقها كاملة غير منقوصة لكن أبدا لا أنسى ولا أتسامح …..

لا أنسى أن الزعيم بورقيبة حول المكاسب كلها الى ورقة سياسية لفرض الاستبداد والرأي الواحد والحزب الواحد وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية في التنظم الحر والتعبير الحر …والسيادة الحقيقية وهذا الاستبداد بدأت معالمه تبرز قبل التوقيع على وثيقة الاستقلال بضرب اليوسفية واليوسفيين وملاحقة الزعيم صالح بن يوسف والاجهاز عليه غدرا باعدامه في فندق بألمانيا …فالمعاناة المؤلمة والدامية التي فرضها بورقيبة والبورقيبيين على المعارضين لم تكن أبدا في حجم ما اتهموا به …

فالكثير حكم عليهم بالإعدام وبالسجن مدى الحياة وبأقلها خمس سنوات سجنا بتهمة تكوين جمعية ومحاولة قلب نظام الحكم والخياناة الوطنية …وكل هذه التهم كثيرا ما تكون ملفقة ومفبركة يتولاها مختصون في الفساد والجريمة التي تمارسها الدولة باسم الوطنية والقانون … وقد تواصل الاستبداد في الغاء الاحزاب وملاحقة كل من لا يلتزم ببورقيبة عن طريق التحقيقات والتعذيب والمحاكمات والنفي القسري والتهميش والتحقير والتجويع ….وتركيع الأمن والقضاء والاعلام والمنظمات الوطنية في جميع مجالاتها للحزب الواحد ولبورقيبة وجعلها مجرد اصوات للتأييد والمدح ….

وتواصل الاستبداد في اعلان الحرب على فرنسا في بنزرت وجمع ألاف المتطوعين للرمي بهم في المحرقة لسبب واحد هو أن يخرج بورقيبة بطلا لان الجزائر كانت على أهبة الاستقلال الذي جاء بمليون شهيد وأصبحت الثورة الجزائرية ثورة عالمية تدرس في كل جامعات الدنيا قبل التوقيع حتى على وثيقة الاستقلال..

لم يكن بورقيبة ليتحمل ذلك و الى جانبه دولة بهذا الحجم الثوري وهذا الزخم النضالي …فاصطنع حرب الجلاء في حين كان الرئيس الفرنسي الجنرال ديقول يطلب منه مهلة بستة أشهر فقط حسب بعض الترجيحات لاعداد الترتيبات للجلاء النهائي عن بنزرت … طبعا هذا ليس دفاعا عن فرنسا فهي دولة استعمارية وجرائمها كثيرة نعرفها جيدا لكن كان يمكن التفاوض حتى لا يحترق خمسة آلاف مواطن متطوع لا يعرفون معنى الجيش ولا استعمال السلاح … والغريب أن بورقيبة كان مختصا في التفاوض واحترام سياسة خطوة خطوة فما باله في المسألة البنزرتية يقر التسرع والحرب بلا قوة ولا استعداد من أي نوع لو لم تكن المسألة الجزائرية قد أرعبته شخصيا ولم ترعب الشعب التونسي الذي كان سعيدا سعادة عظمى باستقلال الجزائر ..

وتواصل الاستبداد مع اختيار الاشتراكية والتعاضد في تونس دون استشارة الشعب فقد تحول النظام السياسي من ليبرالي الى اشتراكي دون أن يستشير الخبراء الكبار ودون عرض الاشتراكية على استفتاء شعبي أو على الأقل بعث لجان في كامل البلاد للاستماع الى المواطنين … وتواصل الاستبداد في ملاحقة كل الذين ناقشوا الاشتراكية في طريقة تنفيذها فقد تزايدت الأكاذيب وفبركة الموافقات الى درجة أن الآبار الجافة التي لا تعطي ماء يتم ملؤها بالماء من أماكن أخرى حتى يأتي بورقيبة ويدشن البئر كما قام بورقيبة بتدشين مستشفى بنته دولة السويد في تونس بعد حوالي عشرين سنة من اقامته كما قام بافتتاح ضيعة مثالية في مدينة وبعد الافتتاح تم نقل انتاجات تلك الضيعة الى مدينة اخرى ليدشنها بورقيبة نفسه ….

وتواصل الاستبداد في اعلان بورقيبة نفسه رئيسا مدى الحياة واقحام ذلك في الدستور فأصبح الدستور التونسي هو الوحيد في الدنيا بأسرها الذي يحمل اسم زعيم رئيسا مدى الحياة …. ثم لا ننسى ان بورقيبة وقع اتفاقية الوحدة مع ليبيا واعلان دولة جديدة تجمع تونس وليبيا باسم الجمهورية العربية الاسلامية وعاصمتها القيروان ..لا أحد كان يعلم بما جرى بين بورقيبة والقذافي لا أحد تماما ….واطلاقا ..فقط السيد محمد المصمودي هو الذي كان يعرف كل شيئ …. والاتفاقية تم التوقيع عليها في جربة والى الآن لا يعرف الشعب لماذا تم الاختيار على جربة …ولعلمكم أن زين العابدين بن علي كان وزيرا في حكومة هذه الوحدة ولا أحد يعرف من هذا الذي أصبح وزيرا ولا أحد يعرف من هو وكيف تم اختياره ومن عرضه على بورقيبة وفي كلمة سريعة كان القذافي ومحمد المصمودي عارفين بكل شيئ وهما الذان قادا كامل عملية اعلان هذه الوحدة التي قضى عليها الهادي نويرة ووسيلة بورقيبة بالتعاون مع فرنسا والجزائر وطبعا هناك عدد من البلاد العربية الأخرى غير راضية على ما وقع ….

ولا ننسى ما حدث يوم الخميس 26 جانفي 1978 من صدام بين الحكومة والاتحاد العام التونسيى للشغل أدى الى تدخل عنيف للدولة من خلال الأمن والجيش وكانت النتيجة كارثية وكل الوثائق المتوفرة هي لشهود عيان وأنا منهم تؤكد على قتل مئات المواطنين وقد يصل العدد الى الألف حسب جريدة لوموند ولا ذنب لهم الا كونهم نزلوا الى الشوارع لتأييد النقابة والوقوف الى جانب الحق وانتهاز الفرصة للمطالبة بالحرية … .والى اليوم لا يوجد تحقيق حر ومستقل حول ما جرى يوم الخميس الأسود 26 جانفي لأسباب تعود الى أن الذين أجرموا يومها مازالوا في الحكم على جميع المستويات بل ان هناك منهم من يلبس قميص الثورة …

ولا ننسى أيضا انتفاضة الخبز التي ذهب ضحيتها المئات من الشهداء لا ذنب لهم سوى انهم طالبوا بالتخفيض من ثمن الخبز الذي تم الترفيع في ثمنه دون التعرف الى الحاجيات الحقيقية للشعب … والى اليوم أيضا لم يتم القيام بتحقيق حر ومستقل حول ما جرى يوم انتفاضة الخبز ولنفس الأسباب و هي أن حكام اليوم بكل أحزابهم وأقنعتهم السياسية كانوا أطرافا بشكل أو بآخر في ما حدث يومها ….وطبعا هذه بعض ما سجلناه من أخطاء فادحة عن عهد بورقيبة الذي تحول في فترة ما الى مجرد بطارية يشعل منها الفاسدون في السياسة والاقتصاد فوانيسهم ويستغلون بها الشعب الذي بقي الحطب الذي يتدفأ به الفاسدون …الى أن جاء زين العابدين بن علي معتمدا على تلك الأخطاء بالاضافة الى الاعتماد على تدهور صحة بورقيبة فقلب النظام وأعلن نفسه رئيسا للجمهورية وسعد الناس جميعا رغم أن الكثير منهم يعرفون أن بن علي انطلق في حياته السياسية بالفساد والجريمة ..

المهم عند الناس آنذاك هو التخلص من بورقيبة الذي أكثر من الأخطاء والبلاد متجهة مباشرة نحو الافلاس والضياع عن طريق الفاسدين وجلهم مازالوا مؤثرين ..و الناس ونحن منهم لم ندرس مليا من هو هذا الرجل فقد توسع تأييده الى أن أصبح في ظرف سنة واحدة مستبدا أكثر من بورقيبة وكان بن علي مشرعا للفساد الي يحميه القانون ومشرعا لكل ما هو ماز للدولة في الاقتصاد والسياسة ..لا تنسوا حكومة بن علي في القصر وحكومة في القصبة واقتصاد عائلته واقتصاد الدولة بما بلغ حد الأربعين في المائة من اقتصاد البلاد في يد المفسدين من عائلات بن علي وبعض المقربين اليه… ولعلمكم أن التاريخ الى الآن لم يتحدث بصدق عن بورقيبة لأن المؤرخين التونسيين أو جلهم هم من أنصار بورقيبة ومن محبيه وقد كانوا في الحزب وعملوا في الدواوين ومسكوا معاهد بحثية ومختصة في التاريخ ..وهم الآن يركزون في كتاباتهم عن بورقيبة من خطبه وخاصة من الساعات الطوال التي قضاها بورقيبة في المركب الجامعي بتونس باسم معهد الصحافة حيث تحدث عن تاريخه الذي الغى فيه المناضلين وشوه فيها بالزعماء ولم تكن تلك الخطب المحاضرات سوى التركيز على شخصه حيث أكد في بكائيات مفبركة طبعا أن كل الزعماء والمناضلين خانوه وهو البطل الذي أنقذه الله من الخونة وجل الذين اتهمهم بالخيانات الوطنية كانوا من الوطنيين الأبرار والمناضلين الكبار ومن المقاومين العظماء……

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات