اذا كان منكم من يتصور ان نظام الاستبداد والفساد الذي سقط نهائيا يوم اربعطاش جانفي 2011 كان نتيجة لثورة شعبية 17دبسمبر2010//14 جانفي 2011 بعدد كبير من الشهداء والجرحى... فهو على غير صواب....رغم اني احترم موقفه احتراما كاملا…
فسقوط النظام المدوي حدث نتيجة اصابته بمرض التهرئة الذي غرسه في جسده الشعب التونسي والشعب التونسي وحده البطل ولا بطل غيره رغم محاولات الكثير من التجمعيين والندائيين وبعض اليسار اقناعنا بان البطل هو بورقيبة.. …
فمنذ قام حزب الدستور حاكما في البلاد وهو يمارس الاستبداد لبسط نفوذه إلا انه لم يتفطن الى ان الشعب لا يقبل بالاستبداد فبدا بالتحرك ضده وظهرت معارضات على اليمين وعلى اليسار وانطلقت الملاحقات والمحاكمات والتعذيب والإعدامات منذ حصول تونس على الاستقلال...حيث تمت محاسبة اليوسفيين بمحاكم شعبية متخلفة ...وبعضه اصدر فيهم المنتصب قاضيا احكاما بالإعدام ..وتم التنفيذ ..كما لا ننسى الفتنة التي قامت فانطلقت الملاحقات وسياسة تهميش اي كان اتهم باليوسفية ..مع العلم ان اليوسفيين كانوا من كبار المناضلين ضد فرنسا...اي ان بورقيبة عمل فيهم ما لا يقبله العقل والمنطق والمبادئ...وقد فعل ذلك في اليوسفيين المناضلين والفلاقة....ولم يفعل اي شيء يزعج الخونة الذين كانوا يتعاملون مع فرنسا....
ثم كان رفض الشعب لنظام التعاضد لأنه مبني على الاكاذيب والزيف والتركيع والتسويف والنهب و الايقافات بالمئات في النصف الثاني من الستينيات.
ثم كان الصراع مع اتحاد الشغل واتهام امينه العام الراحل الحبيب عاشور بالتخطيط لقلب نظام الحكم وكان الصدام الحزين يوم الخميس الاسود 26 جانفي 1978...الذي انتهي بحوالي ألف شهيد ولا ذنب لهم سوى انهم خرجوا للتظاهر دفاعا عن منظمتهم الشغيلة…
ثم كانت ثورة الخبز التي انتهت بأكثر من مائتي شهيد ولا ذنب لهم سوى انهم دافعوا عن قدرتهم ااشرائية التي تدهورت بسبب ارتفاع ثمن الخبز ارتفاعا مشطا.......ثم كانت تحركات الاحزاب السياسية ورد فعلة النظام بعنف اجرامي لا مثيل له. وانتهت فترة بورقيبة بالانقلاب عليه واعتلاء عسكري الرئاسة...وبعد فترة يمكن ان نصفها بشهر عسل مع الشعب ..بدأت الملاحقات والتحقيقات الكبرى والمحاكمات الظالمة والإعدامات ..والصدام بالاتجاه الاسلامي...وفبركة القضايا السياسية ....ومنها قضية براكة ااساحل وطرد مائتي عسكري.
ثم كانت انتفاضة الحوض المنجمي وكل ذلك مع غليان الفساد في البلاد وهيمنة الطرابلسية على الحكم وسيطرة المجرمة ليلى بن علي وأصهارها على مقومات البلاد الاقتصادية…
لم يكن الشعب راضيا بل كان غاضبا من اي تحرك لهذه العائلة المافيوزية الحاكمة وخرج عديد المرات في مظاهرات احتجاجية…الى ان توفرت الظروف الداخلية والخارجية ما سمح للشعب بالانتفاضات اليومية المتواصلة على. مدى حوالي الشهر كانت دموية وهو ما ارعب كل الفاسدين الذين يدعمون النظام المستبد فتحركوا منذ العاشر من جانفي لإشعار بن علي وأهله منه ومن زوجته ان لا أحد يقبل به وأشبعوه رعبا بحكاية الطائرة التي تحلق فوق القصر ..وحكاية الباخرة العسكرية التي تمر بشكل مريب من امام القصر….مما جعله يفر خاصة لما تجمعت تونس كلها يوم اربعطاش جانفي امام وزارة الداخلية وضغطت على الحكومة…وعلى زين العابدين بن علي ….
نعم ان الشعب هو الذي تحرك وقدم الضحايا من ابنائه إلا ان النظام سقط بين ايدي خبراء الفساد والاستبداد المقنع…
يعني ان الشعب كان دوما مناضلا ضد الاستبداد والفساد إلا انه ليس من السهل انهاء نظام سياسي ديكتاتوري بشكل عادي بل لا بد من تهرئته من الداخل…وفضحه خارجيا لإضعاف هيبته…..
ولا ننسى ان الشعب التونسي انهى الاستعمار الفرنسي بعد سبعين سنة من حكم المحتلين الجائر….
وسيبقى الشعب يقظا ..ولن يتركهم ينعمون بالراحة والاستجمام ليوم واحد …خاصة بعد ان حقق اعظم مكسب ألا وهي الحرية والهيئات الدستورية التي ستكون شوكة في حلوقهم ….
تحيا تونس… احبك يا شعب…