قواعد الجمهورية الثانية ليست نفس قواعد الجمهورية الاولى
ما لم نفهم ان الدنيا تغيرت .وان تونس تعيش ارهاصات مؤلمة لتخرج من وضعها الذي اتعبها طويلا بالفساد والنفاق والتطبيل ...وما لم نفهم ان تونس تواكب التغيير بنضالات صعبة لتعيش العصر ..فإننا سنتعب اكثر ....
وإذا لم نفهم ان تونس تعيش مخاض ولادة عسيرة لتدخل عصر الحرية والديمقراطية وتلغي الاستبداد فإننا سنعطل المسارات لصالح الموت والرجعية الماضوية لا الدينية بل ماضي اصحاب المصالح الذين يخافون على ضياع مصالحهم ام هي فعلا ضاعت او تناقصت فأصبحوا يصرخون..رافضين اي تغيير .....والتغيير سائر. وسيسحق كل الذين يقفون ضده و يعترضونه... ولو كانوا الان منتصرين او اقوياء فيتصورون انهم منتصرون على الدوام في حين انهم الى الضياع سائرون…
و علينا ان نعرف ان الجماعات القائلة ..وبإصرار وربما بقوة المال وقوة الفساد وببقايا نفوذ ...... يا حسرة على تونس بورقيبة.. عليهم ان يعلموا ان هذه قولة لم يعد لها اي معنى...فالدنيا غير الدنيا..وتونس زمان غير تونس الان ...وغدا ..و ان ايام بورقيبة انتهت...فلا يمكن ان نعيش بجلباب الجد الاكبر ..وعلينا ان نفرق بين ان نحترم اجدادنا وبين ان نعمل على اعادة انتاجهم ..
لنعلم نهائيا انه لا يمكن اعادة انتاج البشر..لان البشر يتقدم. كل حين ..مهما فعلوا لإيقاف المسار..او المسارات .
كما ان الذين يقولون صباح مساء امام ما يجري في البلاد بأنه «علينا ان نحترم مدرسة الجمهورية التي اسسها الزعيم بورقيبة »فهم مخطئون..ولو كانوا من الذين كنا نعول عليهم في تقدم البلاد وتنميتها ..فاليوم نسمعهم احتراما لهم فقط اما ان نعوض التقدم بما يرهفون فإننا عندئذ نكون مخطئين
فلم يعد لهذه القولة اي معنى تماما ..فنحن في الجمهورية الثانية ..لها معطيات اخرى لم يعرفها بورقيبة لان بورقيبة واجه مشاكل اخرى..في ظروف اخرى..وبمعطيات اخرى.
وللعلم فان كل الذين يحاربون المربين الان لم يفهموا شيئا مما يجري في البلاد....وان من يصرخ اليوم بالقول انقذوا المدرسة التي بناها بورقيبة فانه لم يعرف بعد ان بورقيبة انتهى من قبل ان يسقطه بن علي ...وكان مجيئ بن علي نفسه خطا..لأنه لم يفهم ان الدنيا تغيرت ..فمارس الاستبداد والفساد لإرساء فكره ومنظومته ..وكانت النتيجة انه خرج هاربا ..ذلك ان الذين اتوا به اشتغلوا به ثم عملوا على القائه في الشارع لان دوره انتهى...وخسرت تونس بهذه الاخطاء الكثير ..الكثير .
والآن ودون ان نبقى نعدد الخسارات لنترك ذلك للهيئات المختصة والدستورية ..ولنترك ذلك للحساب وللمحاسبات في المحاكم والدوائر المختصة ..ونهتم بتونس الجديدة ..علينا ان نواجهها بقناعة جديدة ..على الاقل ان لا نسعى الى ايقاف مسارات التغيير لأنها ساحقة …
وفي كلمة :
علينا ان نعي ان تونس تبنى الان الجمهورية الثانية التي جاء زمنها بمعطيات اخرى لم تعرفها الجمهورية الاولى. ولذا لا تحاربوا التغيير..والمتغيرات كما قصة محارب طواحين الريح ...ذلك ان اتجاهات الريح تغيرت ..ومن يقف امام الريح يتسبب في جعلها عواصف مدمرة ....