كيف يمكن ان تحترم النظام القائم عندما ترى ان مئات الفاسدين الذين سرقوا اموال الدولة ونهبوا ارزاق المواطنين وتهربوا من دفع الضرائب وساهموا في افلاس البنوك او التسبب في ازماتها المتتالية وتعاملوا مع مافيا الطرابلسية وبن علي في كل ما افسدوا فيه ...تراهم احرارا بل تدعمهم الدولة وتتفاوض معهم في احترام ..بل في خوف لأسباب نعرفها طبعا وتعمل الدولة بكل اجهزتها على ايجاد حلول لإنقاذهم من الديون المتخلدة بذمتهم وإصدار قوانين لفائدتهم حتى لا يدخل اي كان منهم السجن لما اقترفت ايديهم في العشرين سنة الاخيرة على الاقل..
في حين ان بعض الفقراء في السجن لأنهم اقترفوا اعمالا لا ترقى الى وصفها بالجريمة ..فهل علمتم ان محكمة قبل ايام في ولاية نابل اصدرت حكما بسجن امرأة متسولة لمدة سنة مع التنفيذ سرقت قطعة جبن من محل تجاري كبير....
وفي انتظار صدور قانون المصالحة بلا محاكمة لفائدة الفاسدين تصر الدولة برؤوسها الثلاث على اصدار قانون لإلغاء العقوبات المدرجة في القانون عدد52 الذي ينص على سجن مستهلكي المخدرات لمدة سنة مع التغريم المالي ....في حين ان مواطنا قد يدخل السجن لمدة تتراوح بين ستة اشهر وسنة لأنه تناقش بعصبية مع موظف فتسجل ضده قضية اعتداء على موظف حال مباشرته لوظيفته ...اما اذا كان هذا الموظف من الامن فيا مصيبة المواطن الحاد او العصبي ...فلا ينظر ابدا في عصبية رجل الامن .....
كنا نقول اين العدل قبل الثورة ...ولا ننتظر جوابا لأننا نعرفه بتفاصيله بل ان هذا السؤال يسجل على اساس انه اعتداء على امن الدولة او مسا من هيبة النظام او نقدا لرئيس الجمهورية ...وتصوروا معي العقاب.
اما اليوم فأننا نسال جديد متمتعين بما حققته لنا ثورة الشباب .....وما اهداه لنا شهداء الوطن
اين العدل بين الناس ...اين العدل وقد قامت الثورة من اجل العدل وفرض القانون ومن اجل الكرامة والشغل .
اين العدل… كيف يسجن الجائع لسرقة قطعة جبن ولا يعاقب من سرق شعبا بأسره ......
وكيف تكافح الدولة من اجل المزطولين الذين يضيعون المال الوفير لكيفهم وشيخاتهم ومتعتهم ولا تكافح من اجل المعدمين والمرضى الذين لا يجدون ثمن التنقل من بيوتهم الى المستوصف او المستشفى....وأبناؤهم يقطعون المسافات الطويلة بين بيوتهم الفقيرة والمدرسة في المناطق المحرومة وكيف نسامح من حصل على قروض بمئات المليارات ولا يجد العاطل عن العمل فرصته لتحقيق احساسه بإنسانيته و بالمواطنة والوطنية .....