حركة النهضة لا تنتصر بالقضايا العادلة، بل بملل الخصم
السيد عماد الخميري، رئيس كتلة النهضة "يجدد طلبه للنيابة العمومية بفتح تحقيق جدي" ضد النائبة عبير موسي، وهذا يحيلنا إلى الهلوسات التي تروج لفكرة أن حركة النهضة تحكم وهي أعجز من إقناع النيابة العمومية لمرتين، هو "يجدد" لأن طلباته السابقة لم تحظ باهتمام النيابة، فما بالك برئيس النيابة، وزير العدل الذي نال الثقة والشرعية بثمن فاحش سياسيا سدده نواب النهضة، ربما لأن السيد الخميري لم يستشر محاميا، وإلا لكان كتب له شكاية على "ورق كاغظ" عادي إلى وكيل الجمهورية الذي، وإن كان يملك حق القيام بالدعوى في الحق العام من تلقاء نفسه إلا أنه لا يقبل الشكايات والتذمر في وسائل الإعلام ولا أي شكل من أشكال الهرطقة السياسية،
أنا ممن يعتقدون عن معرفة، أن حركة النهضة لا تحكم وليس لها، لا قضاء البحيري ولا قضاء سيدي زكري ولا حتى العزيمة على العراك الحقيقي حتى أنها تنتصر في كل معاركها بالنقاط نتيجة ملل الخصم واهترائه الطبيعي مقابل تماسكها التنظيمي وليس بالتمسك بالقضايا العادلة، وإلا لكانوا جلبوا عدلا إلى مجلس النواب لإثبات موضوع وحالة التلبس شكلا ثم تمسكوا بالإجراءات القانونية في موضوع الشكوى بدل إطلاقها في الندوات الصحفية،
هذا دون اعتبار التمسك بالتنفيذ الصارم للنظام الداخلي لمجلس النواب حتى إن أدى ذلك إلى استقالة الكتلة وحله وإعادة الانتخابات، لقد فقد الشعب التونسي الكثير بحجة سعي النهضة إلى الحفاظ على الاستقرار السياسي وسلامة "شقف الديموقراطية"، فلا نحن حصلنا الاستقرار ولا حققنا الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية وتطوير البلد.
أعتقد أيضا أن أهم ما صنعته النهضة منذ 2011 هو تبييض الكثير من الفاسدين والتحالف معهم والسماح لهم بالانفراد بغنيمة السلطة وإيصالنا إلى ما نحن فيه من كآبة وإفلاس مقابل ضمان الحد الممكن من عدم الإزعاج السياسي،
الحل الصناعي في مواجهة أعداء الصحافة:
أنا دائما ضد ما يسمى "مقاطعة صحفية" لأي سياسي يخطئ في حق الصحفيين، لاعتقادي أن ذلك يشبه أن يقاطع الطبيب نوعا من المرضى لأن أحدهم اعتدى عليه، الصحفي مثل الطبيب: عليه أن يكبّر قلبه ليعالج الشيطان نفسه، لأنه لا يشتغل لنفسه بل للرأي العام،
الحل موجود وهو "صحفي صناعي": الذين تعلموا الصحافة على قواعدها الإنسانية يعرفون ذلك الفارق المقدس بين الخبر والتعليق، "أي نعم، يضربك وتغطي نشاطه"، تلك هي المهنة الجميلة على مرارة الصورة، وعندما تحفى قدماك في صناعة الخبر وبقية الأجناس الصحفية الصناعية، تنتقل إلى كتابة مقال الرأي والتعليق، وتستطيع أن تبرد قلبك في من تشاء، بشرط أن تتقن "بناء الحجاج" في مقال الرأي وأن تبدع أسلوبا ومحتوى حتى "تفتق" من تشاء من بعضه، ورينا شطارتك في الإقناع؟
ومن باب الموضوعية: الفضاء الإعلامي مليء بشياطين متعددة هي أولى بالمقاطعة، جراثيم بشرية تقيم في وسائل الإعلام دون وجه حق، حيث تعشش لتشويه الواقع ونشر الأكاذيب وتسميم الحياة اليومية للناس، وهي أولى بالمقاطعة،