أنا لا أؤمن ببرامج الحوار الشعبي، وهذا لا يهم أحدا، لكن، الحديث الرئاسي عن إطلاق "حوار وطني صادق ونزيه"، يجعلني أسأل: ما هو مقياس الصدق والنزاهة للمشاركة في هذا الحوار؟ >
يعني الجماعة يستوقفونني في باب مقر الحوار وعندهم أجهزة ألكترونية متطورة ويقولون لي: حل فمك، هز يديك ودور لتالي، تره، وري اش عندك؟ نحي صباطك، يتثبتون في كل شيء ثم يقولون لي: "يا وحيد؟ أنت لست صادقا ولست نزيها في الحوار، طير من هنا"،
ثم: ما معنى حوار مختلف تماما عن التجارب السابقة؟ يعني حوار أخضر؟ أزرق؟ كيف سيكون مختلفا؟ هل تعجز اللغة عن وصفه أم يتخيله كل واحد حسب ما يحتاج له لأن الفكرة تتسع لكل الاحتمالات؟
بقيت عبارة خطيرة: "الحوار لن يشمل كل من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمته إلى الخارج"، يفترض أن المستولين على أموال الشعب يذهبون إلى القضاء العادل لكي يذهبوا إلى السجن في صورة الإدانة، أما الأخطر فهي بيع الذمة إلى الخارج، وهو تصور فضفاض لا يقع تحت أي حصر قانوني واقعي،
على رئاسة الجمهورية أن تحدد لنا معنى الذمة قانونا، حتى نفهم ما إذا كانت قابلة للبيع أصلا وهل لها أركان مادية ومعنوية مثل كل جريمة وبيان كيفية إثباتها لدى النيابة ومنظوريها، يعني يقف ممثل منظمة حقوقية له أكثر من أربعين عاما من النضال الحقوقي بتهمة أنه باع ذمته للخارج بناء على ماذا؟ أو صحفي انتقد حكومة بلاده في منتدى أممي أو بلاتوه تلفزة، هل يصبح مطلوبا من أجل بيع الذمة؟ هل عشنا وضعا كهذا سابقا؟