بقطع النظر عن Happening متاع 25 جويلية، أول مرة أسمع تلك الكلمة السحرية في خطاب السيد الرئيس "تونس تتسع للجميع"، إنما بدت لي يتيمة ذات رنين معدني زائف، منقوصة إلى درجة الفراغ والخوف مما إذا كانت مجرد كلمة عثروا عليها في خطب رئاسية سابقة فحشروها خارج السياق الحربي المؤسس للخطب الرئاسية المليئة بالصواريخ على منصاتها والشياطين الذين يجب رجمهم والمخمورين والأشرار…
إذ يفترض أن يقال: "تونس تتسع للجميع وتطلب من كل أبنائها التكاتف في مثل هذه الظروف الصعبة التي تتطلب التضحية والترفع عن المعارك الجانبية"، وأن ترافقها ابتسامة أمل يتم إعلام المصور التلفزي مسبقا بها لكي يجعل منها gros plan وإن لزم الأمرcontre plongée لكي تبدو الابتسامة عالية مترفعة موجهة غلى جمهور سلبي لا يرغب في النقاش أصلا فما بالك بالمعارضة، وإن تعذر، فـ "القسم على الله"،
إنما، ولكي لا أكذب على نفسي، ليس لدي شك في الطابع الخشبي لمذاق مثل هذه الخطب الرسمية بابتسامة أو بتكشيرة عن الأنياب، ولا في نجاح خلفيات تقنيات التصوير في مثل هذه الحالات، أنا صحفي يفهم في الاقتصاد وإدارة السياسات العمومية، أضع أمامي أهم المؤشرات في الاقتصاد وموارد الدولة الفاشلة وإنفاقها الملكي على نفسها وعلى من فيها، خراب مؤسسات المرافق العمومية والضمان الاجتماعي، حفرة دعم المواد الأساسية لثراء الأثرياء، قائمة الاحتكارات التي تجعل الاستثمار وخلق الثروة مغامرة كارثية، الديون العمومية المتراكمة وخدماتها، وأقول: "هذه الحكومة لا تحتاج فقط إلى أرض يتكاتف فيها الناس دون حروب، بل إلى معجزة إلهية للخروج من هذه الأزمة بأقل الآلام"،
هذه حكومة موسى التي قيل لها اذهبي أنت وربك فقاتلي، إنا هاهنا قاعدون إن صدقنا حسن نواياها وهي دون مشروع حكم ودون وعود في ظل غموض مطبق على مشروع الحكم نفسه، يضاف إليها حالة الاحتقان والحرب على جزء من الشعب التونسي، أما حتى الابتسامة، ما عندك ما تقول فيها عمي الراجل، وإن تعذرت، فـ القسم على الله.