الكلمة الأولى عيب في ثقافتنا الأصلية، ليس هناك مؤنث للحلم، يقال "منامة" لكن حين تنسب إلى عروسية، تذكرني بثقافة الإقطاع القهري حيث عروسية أصلا اسم لا يوجد عند البربر ولا العرب، نسبة إلى سيدهم بن عروس، يستحضر صورة البلدية المتكبرين الذين يعطيهم الباي ملكية الأرض وما فوقها من البشر في طبربة مثلا،
العشقة أيضا هي واحدة من اختراعات لهجة البلدية العاصمية التي تترك لي منذ قرابة أربعين عاما اعتقادا بأن من يتحدثها يعاني من حالة توحد لغوي عنده عسر التعبير Dyslexie، لم ينجح في تحقيق النمو العاطفي من الطفولة إلى المراهقة والنضج وما يزال يخلط بين الماضي والحاضر ويتحدث عن نفسه بضمير الآخر مثلا بحكم زواج الأقارب العرقي واللغوي،
"حسابات وعقابات" نفس الشيء: أناس عندهم مشكل في جمع المفرد، عقابات جمع ماذا؟ عقابة؟ مشكلة تعبير، مثل من يقول عن سكان اليابان "jpappna"، لن يفهمه أحد، فشل في أن يقول يابانيين،
إنها أكثر الثقافات اللغوية فقرا وانغلاقا في العالم العربي، توقفت قراءات منتجيها عند حدود القصص القصيرة للكاتب علي الدوعاجي، عن رجل ينتظر امرأة تخرج من الحمام وعنده حكة فيها لوبان ليهديه لها ثم تعيده إليه ليتذوق طعم فمها، إيروسية بلدية فقيرة عاطفيا وإنسانيا، قريبا من الماخور البلدي، ليس فقط بعيدا جدا عن صراعات الحياة القيمية الحقيقية بل أيضا معطلة لكل محاولات اقتحام الدراما التونسية من خارج ثقافة الحلمة والعشقة والحكايات وسيدي علي الفنان الأعظم الرسام الشاعر،
البلدي الذي يرى عالم الريف من عيون البلدية الكبايرية الملاكة النبلاء للفقراء، نفس الممثلين إلى درجة الاستنزاف، عندي صعوبة في تصور الممثل رؤوف بن عمر في دور مناضل، مقاتل أو محتال، فقط أراه دائما أرستقراطيا بلديا متخضم الأنا بقيم مزيفة، بعبارات حوار مستهلكة ساذجة وسخيفة،
في الأثناء، لماذا لم يفكر أحد في تحويل القصص المؤسسة لما هو خارج أسوار مدينة تونس القديمة إلى عمل درامي؟ مثلا: علي بن خليفة النفاتي الذي قال: "الآن أصبحت طاعة الباي كفرا" عند إعلان الحماية إلى أن مات فوق حصانه في انتظر مدد لا يأتي؟ علي بن غذاهم يضعه البلدية في قفص لأنه ثار على الجباية الظالمة لأهل العاصمة على سكان الأرياف؟ الدغباجي الذي قاتل الاستعمار الفرنسي؟ صالح ولد الكاهية في الكاف الذي كان رمزا لظلم الحاكم المحلي؟
لا عاد، خلي حلمة وعشقة وعقابات وحكايات حب مائع، القضية هي ماذا تريد أن تقول في هذه المسلسلات؟ "آش يوجع فيك؟"؟