منذ الأمس، وأنا أتابع ردود فعل "جمهور فايسبوك" على حادثة بئر الماء والنار في أحد ارياف الساحل ألى ان قرأت تعليقا يحذر فيه صاحبه بكل ثقة:"هذا بركان، احذروا انفجاره" بعد أن وصلنا مرحلة الهذيان الجماعي، ما يؤسفني هو صمت السادة المهندسين وعلماء الجيولوجيا في تونس، وقد تشرفت بالعمل مع كثيرين منهم في مجال المحروقات،
وأي واحد فيهم يقول لك إن أية بئر تمر بعدة مستويات منها الماء ثم الغاز بأنواعه حتى اوكسيد الكربون ثم النفط الخام والمكثفات تبعا لمرحلة نضج الصخور maturité de la roche ، لذلك عادي ان تعثر على الماء ثم الغاز او العكس، والكثير من الآبار تطلق تحت تأثير حاجة المحروقات الى التوسع شلالا تصاعديا من الطين والرمل والماء المالح الذي يجب على صاحب البئر إعادتها الى الأرض.
نأتي الآن الى الماء: ما يظهر في الفيديو هي كمية بسيطة جدا تحت ضغط عال وهي اقل مما تطلقه بعض قنوات السوناد حين انفجارها وليست دليلا على بحيرة ماء تحت الأرض، أما الغاز، فمن المعروف ان بعض مناطق الساحل التونسي تحتوي ترسبات من عصور جيولوجية مختلفة وهي مرتبطة بعدة ترسبات بحرية، والمشكل أنها جيوب غازية صغيرة غير مجدية تجاريا لشركات النفط لأن الغاز يتطلب كلفة أكثر في النقل ثم التسييل ثم الاستغلال، وحتى وقت قريب كانت هذه الشركات تحرق الغاز الذي تعثر عليه في تلك الشعلة الشهيرة في نهاية رأس الحفارة، الى أن توسع استعمال الغاز صناعيا وارتفعت أسعاره في العالم،
أما الشعلة التي ترونها مع الماء، فهي من جهة القيمة التجارية لا تثير اهتمام أية شركة نفط تحتاج الى ملايين الدولارات لمجرد بدء الاستكشاف، وعليه، أنا أعطيكم معلومات أساسية بدائية عن الحادثة، على أمل أن يتحرك السادة علماء الجيولوجيا لتوضيح الأمر،