لا يمكن أن نتقدم خطوة في هذا البلد الكئيب دون أن نتناقش في معنى أهم طلب ينادي به جماعة "اضرب يا قيس والشعب معاك" وهو المحاسبة،
توه بالله السيد الرئيس جمع من السلطات ما لم يجتمع لغيره وما لا يجتمع منطقا ودستورا، فملاذي يمنعه من إطلاق كل الأجهزة الحكومية لجمع الأدلة ضد الفاسدين وتقديمها إلى القضاء؟ أما المحاسبات الشعبوية وضجيج الحديث عن الفساد فهذا سلوك تخلت عنه الإنسانية منذ محاكم التفتيش الكاثوليكية في إسبانيا ضد المسلمين ثم الماكارثية في أمريكا لمحاكمة اليساريين في سنوات الخمسين والتي تعرفه موسوعة بريتانيكا القانونية على أنها "سلوك يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة"،
وهو ما حدث مرارا منذ أن تسلح السيد الرئيس بآلة رشلكو لخلع مخزن غلال أو اقتحم مصنع حديد مع تغطية سينمائية وتصوير فضائي بالدرون والحديث عن زوجة محام عاطلة عن العمل ثروتها تبلغ 100 مليار (مليار ماذا؟ دينار أم مليم) وأن أحد النواب تحصل على 1500 مليون دينار حين تقلّد بعض المهام في الدول، قلت عندك دليل؟
تفضل إلى القضاء، وإلا، فيجب الاتفاق نهائيا على التوقف عن توظيف علكة المحاسبة في تهييج الناس، ثم، لماذا لا يقتدي أنصار الرئيس بمنظمتي أنا يقظ ومرصد رقابة في تكوين عشرات ملفات الدعوى الصلبة وتقديمها إلى القضاء ومتابعتها في إطار الحق الشخصي؟ نحن سوف نكبّر قلوبنا ونتجاهل الدعوات الإجرامية التي انتشرت في الفضاء العام يوم السبت الماضي لاقتحام بيوت الناس ومحاسبتهم في الشارع وربما إعدامهم علنا وسنقول إنهم مجموعات متطرفة صغيرة رغم أن المنطق يفترض محاسبتها هي أولا على الدعوة إلى العنف العام، لكن،
"كــــــــــــــان لالة لالة"، عندهم نوايا صادقة في المحاسبة، فعليهم التسليم مسبقا بأحكام القضاء العادل وبإجراءات الطعن والنقض العدلية، وإقناع السيد الرئيس ووزيره للداخلية بالتوقف عن الدعوات غير الدستورية التي يطلقانها بين الحين والآخر إلى القضاء للمحاسبة، وعن إعطائنا تقييما عن حملات الإقامة الجبرية الوحشية وضمانات بأن لا يتكرر انتهاك حقوق الإنسان الكونية بأي مبرر،
وإن تعذر، فالقسم على الله،