نحن أيضا، نصاب بألم نفسي فظيع يمتد أياما حين نتحدث عن تفاصيل القتل، عما قاله القتيل وهو يموت وما قاله الآخرون، الروح عزيزة، والإنسان ليس جسدا فقط، بل ضحكة، موقف، تضحية، للقتيل أمه أيضا، وهي لن تشفى إلى الأبد ولن تنزع علامات الحداد إلى أن تموت، والأب؟
"آه يا أبي"، صرخة القتيل الأخيرة حين أحس الموت، خلدها الكاتب ماركيز في رواية "تفاصيل موت معلن" على لسان سانتياغو نصار وهو يتلقى آخر الطعنات من الأخوين فيكاريو،
ليس هناك في هذا الكون شيء أشنع من القتل خصوصا إذا كان جماعيا، حين يتحول الإنسان إلى شيء أكثر وحشية من الضباع التي تأكل ضحيتها حية،
لذلك يصاب القاتل بوصمة مدى الحياة لا يشفى منها أبدا، أنا رأيتها في عيون الكثير من القتلة: عينان فارغتان تحيلان على قلق ورعب توقع القتل، لأن القتيل يصيب قاتله بعدوى رعب ما قبل الموت، يجعله يتجاوز بلا عودة وإلى الأبد حاجز الإنسانية إلى الوحشية والعزلة والخوف، حين يقترف تلك الجريمة التي لا يمكن إصلاحها أبدا،