أمين محفوظ: "أنا ضد البناء القاعدي (الذي يريده الرئيس عبر الاستفتاء لالكتروني في المعتمديات وفي النظام السياسي) وأعتبره خطيرا وليس وقته... شخصيا أؤمن بالديموقراطية التمثيلية"،
أولا: أنا لا أصدق وإلا ماذا تفعل هناك ماشي جاي على القصر لتفتيق الدستور من بعضه،
ثانيا: لو كنت مع الديموقراطية التمثيلية لتخوفت من مبدأ تعطيل الدستور وهيئاته وتحويل الحالة الاستثنائية إلى حالة حكم ومن جمع كل السلطات في يد شخص واحد لا علاقة له بالاقتصاد أو الحكم ولطالبت بعودة مجلس النواب أيا كانت مشاكله مع دعوته إلى حل نفسه والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها،
ثالثا: لا يوجد رجل قانون دستوري يؤمن بالبطل الفذ المخلص الذي يجمع بين يديه سلطان الأرض والسماء لإعادة كتابة الدستور، بل يؤمن بالفصل بين السلط والتداول السلمي على السلطة عبر الانتخابات وليس الاستفتاء، مثل هذا الحاكم لا يجمع حوله سوى توارزية تفصيل كساوي الدستور الفاخرة على مقاس الحكام الأبديين، والدليل يتكرر أمامك منذ دستور 1959 من أجل حقن أوكسيجين دستوري مزيف للحكم المطلق الأبدي،
رابعا: كلنا نعرف بالمنطق أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، أيا كان تطريز دستور السلطة المطلقة، وأننا سوف نموت جوعا لأن السيد الرئيس لا يملك حلولا بقدر ما يملك خطبا لغوية ساذجة فجة مليئة بالمخالفات القانونية من ثلب ونشر للأخبار الزائفة حول خصومه،
خامسا وبالمناسبة، بما أنه يستحيل علينا التفاعل مع السيد الرئيس فيما أنت تلتقيه بين الحين والآخر، لماذا لا تسأله عن سر رفضه للندوات الصحفية والحوارات مع دافعي الضرائب من أجره الفاخر وأجوركم، أنت ومن يجمعهم حوله؟
لغة إخبارية من زمن البرافدا ووكالة تاس TASS
يجب أن نضع حدا لتورط وسائل الإعلام الوطني في الإعلام الخشبي إلى درجة الغرق بطريقة مذهلة، عدة إذاعات نشرت: "عقدت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد، صباح اليوم الخميس، اجتماعا في إطار المشاورات الأخيرة حول مشروع قانون الماليّة لسنة 2022 والإجراءات المقترحة لدعم الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال" (حتى عنوان فرعي ما تجيش، أي وبعد؟ بلا بلا بلا)،
إحدى الإذاعات ذات الشعبية المفرطة نشرت :"وأكّد الوزيران بالمناسبة حرص الحكومة على استعادة نسق النمو وخلق الثروة ودعم المؤسسة الاقتصاديّة"، يا إلاه الفقراء، أنا تذكرت الإدارة العامة للغة الخشبية في الإعلام التونسي والعربي وقرأتها "أكد الوزيران بالمناسبة على استعادة نسق النمو وخلق الثروة في إطار العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين"، أي أن لا نقول شيئا ونحن نكتب، وعندما تضرط الحكومة ضرطة كريهة، ننشرها كما هي، دون القدرة على إعطاء معنى لما يحدث، هل الحكومة مقدسة؟ وإلا لماذا وقع كل ما وقع؟
توه نأتي إلى التسلية الإعلامية، إن هذا اللقاء التاريخي بين الوزارتين الشقيقتين لا أثر له لا في موقع الحكومة التي تبدو خارج الزمن الإعلامي ولا وزارة المالية التي تنشر أخبارا من 22 نوفمبر وآخرها 10 ديسمبر ولا رئاسة الجمهورية التي تحتكر كل الصلاحيات الخشبية للإعلام الذي لا يجوز، ما معنى "الإجراءات المقترحة لدعم الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال"؟ لما لا تجيب الحكومة على الأسئلة الحقيقية مثل مصير الميزانية الحالية يتوقف الحديث والمسؤولية القانونية والإدارية للدولة؟ لماذا تنشر وسائل الإعلام بلاغات إعلامية تعود إلى عصر السبعينات بلغة صحيفة البرافدا ووكالة تاس السوفياتية في مواجهة زمن الفايسبوك والاختراقات الكبرى وصحافة المواطنة وصحافة الاستقصاء وإعادة ترتيب سلطة الإعلام،