اقترنت حكاية تسريب مقترح انقلاب الرئاسة على الدستور باسم كاتب صحفي مناضل ونزيه، البريطاني دافيد هيرست رئيس تحرير صحيفة "ميدل إيست إي"، إلا أن الحكاية بدت لي مثل خبر "ناقص شطره"، إنه منجز كمقال بريطاني بطريقة أسوأ من النميمة التي تصنع يوميا في مقاهينا، حتى أني، وفق نظرية "من المستفيد"، أشك في أن يكون مسرب الوثيقة الطائرة عنصرا مدسوسا على خصوم الرئيس وليس على مكتب الرئيس.
وقبل أن تخترع مهنة الصحافة المكونات المقدسة للخبر وأسئلته الخمسة، كانت المجتمعات تسخر ممن ينقل خبرا "ناقص شطره"، ونحن في صنعة الصحافة نعرفه بأنه الخبر الذي يترك لديك إحساسا بأن فيه شيء ما غائب، خبر لا يشبع رغبتك ليس فقط في المعرفة بل خصوصا في الفهم وفي إعطاء معنى لما حدث ويدفع رئيس التحرير إلى إعادة المحرر إلى أصل الخبر للإجابة على ما ينقص، لأن الصحافة خطاب عمودي في اتجاه واحد، من شخص إلى ملايين، لا يمكنهم الاتصال بالسيد هيرست للاستفسار عما غاب من الحقيقة، وخصوصا إثبات علاقة رئاسة الجمهورية، بما هي مؤسسة دستورية بنص الوثيقة،
بمعزل عن هذا السؤال، أستطيع أن أثبت لكم، اعتمادا على تصريحات رسمية موثقة أن كثيرا مما يرتادون قصر قرطاج يتبنون الكثير مما جاء في وثيقة مشروع الانقلاب ودعوا إليه بصفة علنية، لكن، تبقى الأسئلة الحقيقية: ما علاقة من كتب نص الوثيقة بالرئاسة وماذا كان رد الرئاسة على الوثيقة، بعد ذلك نخرج من أسئلة صنعة الصحافة إلى الأسئلة الجنائية "من المستفيد من الجريمة"، ثم إلى أسئلة الدراما المسرحية على طريقة مسرحية "جرائم صغيرة بين الأصدقاء" حيث يجب في النهاية التصرف في جثث الضحايا لتبدو كأنها موت طبيعي، وتحافظ العائلة الديموقراطية على مظاهر الوئام بعيدا عن الفضائح التي لا تليق بنا، في انتظار الضربة القادمة تحت الحزام،
سلام سيد دافيد هيرست،