السيدة نجلاء بودن، أيا كانت صفتها الدستورية في نظام الحكم، قالت أمام وزراء "كل شيء" والشيء الوحيد المتفق عليه بين الحكام العرب (الداخلية) كلاما خشبيا ليس عندنا أفضل منه، نردده منذ عشرات السنين: "إن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، بداية من 25 جويلية 2021 تهدف إلى المضي بتونس قُدما على درب ترسيخ دعائم دولة القانون والحريات"،
وبقطع النظر عن إحالة الحقوقيين والمناضلين ونواب الشعب على المحاكم العسكرية الاستثنائية، وعن عشرات آلاف المواطنين الهاربين من جنان دول القانون والحريات والمواطنة العربية، فإن حكاية المضي قدما هذه تدخل السعادة على كل الحكام العرب، ذلك أن ترسيخ دعائم السلطة في العالم العربي احتاج عقودا من "المضي قدما" لتثبيت الرئيس الملك في الحكم ومعه جمهور العائلة والأقارب والأصهار والحلفاء وحوله عشرات الآلاف من القوادين والمداحين وممن إذا أمطرت السماء حرية سارعوا إلى حمل الممطريات،
واسألوا سويسرا عن هوية أصحاب الحسابات البنكية الهاربة لكبار موظفي وحكام الدول العربية، إنما تبرير الحالة الاستثنائية يذكرني بقانون الطوارئ المصري الذي بدأ من 1958 إلى أن أطاح به جمهور الناس المتعطشين إلى سلطة عادلة في ماي 2012، لكنه ما لبث أن عاد مع الجنرال المشير الركن السيسي،
السيدة بودن أبدعت حين قالت عن اجتماع وزراء البوليسية إنه: "يعكس حرص تونس على تعزيز العمل العربي المشترك" في قمع المواطن العربي وجعل تنقلاته مسألة أمنية معقدة وهو ما يمكن أن تراه في الحدود بين الدول العربية، حيث يمر المسافر الأوروبي كالبرق تحت الحماية التاريخية للوزيرين البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرنسوا جورج بيكو لتقسيم العالم العربي على الطغاة العرب، فيما قد يموت العربي على الحدود العربية على طريقة فيلم الحدود، سيناريو محمد الماغوط وإخراج وبطولة دريد لحام،