قمة التصعيد الدرامي في الأزمة التونسية ليست في وضع النائب محمد صالح اللطيفي المتهم بأنه امبراطور التهريب قيد الإقامة الجبرية، بل عندما تولى بنفسه توسيم ضباط الديوانة الذين يفترض أن يحاسبوه، وكأننا في دراما هندية،
وهي لحظة كان يجب أن ترافقها موسيقى جنائزية توحي بالانهيار والخراب، وتدفع إلى إلقاء اللعنات الصادقة على كل من كان السبب، لكن، لا أرى أننا نتعلم من أخطاء الماضي، إذ عوض أن تتولى النيابة العمومية استغلال نزع الحصانة وتراجع الضغط حتى مؤقتا لكي تعد ملفا مضروبا بالسفود من الناحية الإجرائية، لا يخرّ المية كما يقول أشقاؤنا المصريون، وتقديمه إلى محاكمة عادلة، هم يلاحقونه بإجراءات إدارية من وزارة الداخلية، مليئة بالثغرات الإدارية والقانونية في بلد تدور فيه مليارات الدنانير في السلال السوداء خارج الرقابة، أعطوا للقضاء دوره، أنا ما زلت أحلم بـ"قاض ولد أمه"، لا يكتفي هذه المرة بإحالة المتهم، بل أيضا كل من حاول سابقا تعطيل العدالة أو تظليلها،
عزاؤها سخرية: ضربتني لأجل مصلحتي
قالك، ولد عمره 16 قرر أن يحرق، حاول إقناع أبيه بإعطائه مدخراته من "شوية الفلاحة والزيتونات" لثمن الحرقة 4 آلاف دينار، ففشل. دار إلى "نبع الحنان" أمه فلم تنجح في إقناع أبيه، أصحابه حرقوا على دفعات وهو يحترق بنار الانتظار، ذات ليلة، اعتدى على أبيه وسرق الصوارد وقطع، حرق،
تريد القصة الساخرة أن الولد نجح هناك في عالم الإلدورادو الساحر حيث الفلوس مكدسة. قبل أن يدور العام، أرسل إلى أبيه 50 ألف دينار مع رسالة أعتذار رقيقة ملوثة بدموع الخجل، ثم طلب أباه في الهاتف لكي يبكي معتذرا لأنه ضربه، رد أبوه على طريقة فريد شوقي في الفيلم الشهير: "لا تبك يا حبيب العمر، لا ولدي، أنت ضربتني على مصلحتي"،
تضحك؟ باهي: الطفل مات في البحر، وأمه تغلق الطريق إلى القرية، وتلطم وجهها، أعطوني جثمانه لأدفنه، طلعوه من كرش الحوت لكي أقرأ فاتحة عليه،