5 حالات إصابة بفيروس كورونا في تونس دون أية حالة وفاة هي من أفضل الحالات في الدول المعنية بهذا الفيروس بقطع النظر عن الحالات غير المعلنة وهو حالنا مثل حال أي مجتمع آخر مع شيء من الثغرات المتناقصة هنا وهناك، أنا لا يخيفني الفيروس بل "أثرياء الفيروس" الذين يستثمرون في الرعب كما يضاربون في الزيت المدعم والخضر والحليب وأي قلم فيه احتكار وفلوس،
يزعجني الغوغائيون في وسائل الإعلام من الذين عندهم حالة انتقال صعب من مراهقة الذري إلى مسؤولية الإعلام، أمس يقتل نفسه في تفسير آخر تصريحات نجمته المفضلة التي لا مجد لها إلا أنها نشرت صورها عارية مع زوجها السابق، وصباح اليوم أصبح محللا في الكورونا،
هؤلاء الذين لا رصيد لهم لتصدر منصة الرأي العام سوى العياقة وخلط الحقيقة بالرموزية والأفكار الجاهزة التي تنم عن الجهل والاستهتار بحياة الناس بدل الاختصاص والمعرفة والرصانة،
يفترض أن تشمل حالة الطوارئ الصحية ممارسي الهذيان في وسائل الإعلام ووضع كل من ليست له شهادة اختصاص تحت الاقامة الجبرية الإعلامية حت تنتهي هذه المحنة، وأن يقال لكل زنس منهم بصرامة وصوت عال: "احشم"، الأمر ليس مزاحا في عرس أختك، بل يتعلق بالأمن العام وبحياة الناس،
إن لم تنشرها فسوف تصاب بالفيروس
الرسائل المنسوبة إلى أطباء من مقاطعة ووهان الصينية أو من مستشفيات تونس حول فيروس كورونا أو أسراره، سخيفة حتى أنه لا ينقصها إلا عبارة إن لم تنشرها فسوف تصاب بالفيروس أنت وعشرة من عائلتك حتى كان تطلع للسماء،
وبعض تلك الرسائل أو مقاطع الفيديو يمكن تصنيفها ضمن ثقافة عريقة في "فضل التنبؤ بكارثة نهاية العالم" التي يجد البعض متعة في نشرها، والتي أذكر أنها كانت تأتينا في سنوات الثمانين على هيئة رسالة رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو في مكة وأعطاه رسالة خاصة لتحذير الناس من نهاية العالم، وإن لم تنسخها عشر مرات فسوف تصاب بمصيبة فادحة، وإن نشرتها فسوف يأتيك خبر سار قبل أسبوع،
من السهل أن نتبين وراء الكثير من هذه الرسائل بحثا عن الشهرة أو استجابة لدى بعض المغمورين للرغبة الجامحة في الظهور فوق تلة الفاليسبوك، وعموما، ثمة دائما من يحترق شوقا للوقوف فوق تلة لإخبارنا بكارثة، وهذا موجود في ثقافة الأديان السماوية وحتى الوثنية، وأصبح اليوم ظاهرا في ثقافة الاتصال الحديث حيث يمكن رؤيته في أفلام الكوارث التي تحوز على أكبر نسبة مشاهدة، لأن هذا اسمه استثمار في ثقافة الخوف الإنساني الجماعي،
لكن رأس الفتلة الحقيقي في هذه الحكاية ما زلت أذكره في بعض دروس الاتصال حول ما اقترفه أورسن ويلز في الولايات المتحدة ووراءها كل ثقافة الغرب العصرية من خلق مفهوم الخوف من كارثة تأتي من السماء أو من الكائنات الفضائية في مسرحية حرب العوالم، حين سرق أدوات الصحافة الخبرية في عمل مسرحي ليوهم سكان نيويورك، فقط بإذاعة محدودة الانتشار في 1938، أن كائنات جبارة من المريخ قد غزت الأرض، حتى أنه دفع سكانها إلى الهرب من بيوتهم خوفا، لقد حدث ذلك في زمن محدودية الراديو ووسائل الاتصال الجماهيري،
فما بالك اليوم، حيث الفضاء العام مفتوح لكل من يريد، في ترويج الإشاعة والرعب، بما فيه الرعب من نهاية محتملة لهذا العالم البائس، والأسباب عندهم أكثر من أن تحصى، والله أعلم، لكن إن نشرت هذا الخبر، فسوف لن يأتيك الفيروس، والحق الحق أقول لكم: لا علاقة لهذا المنشور بالإيمان بالفيروس،